السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

وقوله تعالى { من الذين } بدل من المشركين بإعادة الجار { فرّقوا دينهم } أي : الذي هو الفطرة الأولى ، فعبد كل قوم منهم شيئاً ودانوا ديناً غير دين مَن سواهم وهو معنى { وكانوا شيعاً } أي : فرقاً متخالفين كل واحدة منهم تتشايع من دان بدينها على من خالفهم حتى كفّر بعضهم بعضاً واستباحوا الدماء والأموال ، فعلم قطعاً أنهم كلهم ليسوا على الحق ، وقرأ حمزة والكسائي بألف بعد الفاء وتخفيف الراء ، والباقون بغير ألف وتشديد الراء ، فعلى القراءة الأولى فارقوا أي : تركوا دينهم الذي أمروا به .

ولما كان هذا أمر يتعجب من وقوعه زاده عجباً بقوله تعالى : استئنافاً { كل حزب } أي : منهم { بما لديهم } أي : عندهم { فرحون } أي : مسرورون ظناً منهم أنهم صادفوا الحق وفازوا به دون غيرهم .