وقد قرر السياق ما كان من موقف هارون . فهو يطلع أخاه عليه ؛ محاولا أن يهديء من غضبه ، باستجاشة عاطفة الرحم في نفسه :
قال : با ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي . إني خشيت أن تقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي . وهكذا نجد هارون أهدأ أعصابا وأملك لانفعاله من موسى ، فهو يلمس في مشاعره نقطة حساسة . ويجيء له من ناحية الرحم وهي أشد حساسية ، ويعرض له وجهة نظره في صورة الطاعة لأمره حسب تقديره ؛ وانه خشي إن هو عالج الأمر بالعنف أن يتفرق بنو إسرائيل شيعا ، بعضها مع العجل ، وبعضها مع نصيحة هارون . وقد أمره بأن يحافظ على بني إسرائيل ولا يحدث فيهم أمرا . فهي كذلك طاعة الأمر من ناحية أخرى . .
قال : { يَا ابْنَ أُمَّ } ترفق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه ؛ لأن ذكر الأم هاهنا أرق وأبلغ ، أي : في الحنو والعطف ؛ ولهذا قال : { يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } .
هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه ، حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم قال { إِنِّي خَشِيتُ } أن أتبعك فأخبرك بهذا ، فتقول لي : لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } أي : وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم .
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم «يبنؤم » يحتمل أن يريد يا بن أما فحذف الألف تخفيفاً ويحتمل أن يجعل الاسمين اسماً واحداً وبناه كخمسة عشر ، وقرأ ابن كثير عن عاصم وحمزة والكسائي «يا بن أمِ » بالكسر على حذف الياء تخفيفاً وهو شاذ لأنها ليست كالياء في قولك يا غلامي وإنما هي كالياء في قولك يا غلام غلامي وهذه ياء لا تحذف{[8149]} ، ويحتمل أن يجعل الاسمين اسماً واحداً ثم أضاف إلى نفسه فحذف الياء كما تحذف من الأسماء المفردة إذا أضيفت نحو يا غلام ، وقالت فرقة لم يكن هارون أخا موسى إلا من أمه ع وهذا ضعيف ، وقالت فرقة كان شقيقه وإنما دعاه بالأم لأن التداعي بالأم أشفق وأشد استرحاماً ، وأخذ موسى عليه السلام بلحية هارون غضباً وكان حديد الخلق عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.