فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَيۡنَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِي} (94)

{ قَالَ يَا ابن أُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } قرئ بالفتح والكسر للميم ، وقد تقدّم الكلام على هذا في سورة الأعراف . ونسبه إلى الأمّ مع كونه أخاه لأبيه وأمه ، عند الجمهور ؛ استعطافاً له وترقيقاً لقلبه ، ومعنى { وَلاَ بِرَأْسِي } : ولا بشعر رأسي ، أي لا تفعل هذا بي عقوبة منك لي ، فإن لي عذراً هو { إِنّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرائيلَ } أي خشيت إن خرجت عنهم وتركتهم أن يتفرقوا فتقول : إني فرقت جماعتهم وذلك لأن هارون لو خرج لتبعه جماعة منهم وتخلف مع السامريّ عند العجل آخرون ، وربما أفضى ذلك إلى القتال بينهم ، ومعنى { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } : ولم تعمل بوصيتي لك فيهم ، إني خشيت أن تقول : فرّقت بينهم ، وتقول لم تعمل بوصيتي لك فيهم وتحفظها ، ومراده بوصية موسى له هو قوله : { اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ } [ الأعراف : 142 ] . قال أبو عبيد : معنى { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } : ولم تنتظر عهدي وقدومي لأنك أمرتني أن أكون معهم ، فاعتذر هارون إلى موسى ها هنا بهذا ، واعتذر إليه في الأعراف بما حكاه الله عنه هنالك حيث قال : { إِنَّ القوم استضعفوني وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي } [ الأعراف : 150 ] .

/خ101