تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَيۡنَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِي} (94)

الآية 94 : فاعتذر إليه هارون ، فقال { إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي } هذا أيضا يخرج أيضا على وجهين :

أحدهما : { إني خشيت } إن اتبعتك ، وصرت ما صرت أنت { أن تقول فرقت بين بني إسرائيل } لأنك لو نهيتهم عما اختاروا من عبادة العجل ، وبينت لهم السبيل ، لعلهم يتبعونك . فحين{[12402]} لم تفعل فأنت الذي فرقت بينهم .

والثاني : على تأويل القتال والحرب في قوله : { ألا تتبعن } { إني خشيت } لو قاتلتهم ، ونصبت الحرب بينهم ، صاروا فريقين . فإذا تفرقوا اقتتلوا ، وسفكوا الدماء ، وتفانوا . فترك القتال لما أطمعوه الإيمان إذا رجع إليهم موسى ، ونهاهم عن ذلك . فلعل سنته في القتال مع من لم يطمع منه الإيمان .

هذا على تأويل من يقول بأن هارون اعتزلهم لما عبدوا العجل مع عشرة آلاف نفر أكثر أو أقل على ما ذُكر .

وأما الحسن فإنه يقول : كلهم قد عبدوا العجل إلا هارون . فعلى قوله : لا يحتمل الحرب والقتال معهم .

وقوله تعالى : { ولم ترقب قولي } قيل : هو ما قال { اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } [ الأعراف : 142 ] . ودل قوله : { لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي } أنه{[12403]} كان له الشعر ، فكَنَّى بالرأس عن الشعر .


[12402]:في الأصل وم: فحيث.
[12403]:في الأصل وم: بأن.