قوله : { يا بْنَ أُمِّ } قيل : إنما خاطبه بذلك ليدفعه عنه ، ويتركه .
وقيل : كان{[26391]} أخاه لأمه{[26392]} .
واعلم أنه ليس في القرآن دلالة على أنَّه فَعَلَ ذلك ، فإن النهي عن الشيء لا يدل على كون المنهي فاعلاً للمنهي عنه لقوله تعالى{[26393]} : { وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين }{[26394]} وإنما في القرآن أنه أخذ برأس أخيه يجره إليه{[26395]} . ، وهذا القدر لا يدل على الاستحقاق بل قد يفعل لسائر الأغراض على ما بيناه{[26396]} .
قوله : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } الجمهور على كسر اللام{[26397]} من اللحية ، وهي الفصحى . وفيها الفتح وبه قرأ عيسى{[26398]} بن سليمان الحجازي{[26399]} ، والفتح{[26400]} لغة الحجاز{[26401]} ويجمع على لِحّى كقِرَب{[26402]} . ونقل فيها الضم كما قالوا : صِوَرَ بالكسر وحقها بالضم{[26403]} .
والباء في " بِلِحْيَتِي " ليست زائدة إما لأنَّ المعنى لا يكن{[26404]} منك أخذ وإما لأن المفعول محذوف أي لا تأخُذْنِي{[26405]} . ومن زعم زيادتها كهي{[26406]} في { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة }{[26407]} فقد تعسف .
فصل{[26408]}
معنى قوله : " بِرَأْسِي " أي بِشَعْر رأسي ، وكان قد أخذ{[26409]} بذؤابته{[26410]} " إنِّي خَشِيتُ " لو أنكرت عليهم لصاروا حريين بقتل بعضهم بعضاً ، فتقول{[26411]} أنت { فَرَّقْتَ بَيْنَ بني إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } ولم تحفظ{[26412]} وصيتي حين قلت لك : { اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ }{[26413]} لأي ارفق بهم{[26414]} .
قوله : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }هذه الجملة محلها النصب نسقاً على { فَرَّقْتَ بَيْنَ بني إسرائيل } أي أن تقول : فرقت بينهم وأن تقول : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }{[26415]} .
وقرأ{[26416]} أبو جعفر " تُرقب " {[26417]} بضم حرف المضارعة من أرقب{[26418]} . فإن قيل : إن قوله موسى - عليه السلام{[26419]}- " وما منعك أن لا تتبع أفعَصَيْتَ أمْرِي " يدل على أنه أمره{[26420]} بشيء ، فكيف يحسن في جوابه أن يقال : إنما لم أمتثل قولك خوفاً من أن تقول " وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي " ، وهل يجوز مثل هذا الكلام على العاقل ؟
فالجواب{[26421]} : لعلَّ موسى - عليه السلام{[26422]} - إنما أمره بالذهاب إليه بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فساد القوم ، فلما قال موسى " مَا مَنَعَكَ أَْنْ لاَ تَتَّبِعنِي " قال لأنك إنما أمرتني باتباعك إذا لم يحصل الفساد ، فلو جئتك مع حصول الفساد ما كنت مراقباً لك{[26423]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.