فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ يَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡيَتِي وَلَا بِرَأۡسِيٓۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَيۡنَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِي} (94)

{ قال } هارون { يا ابن أم } بفتح الميم وبكسرها ، وعلى كل من القراءتين أراد أمي لكن على الأولى حذفت الألف المنقلبة عن الياء اكتفاء عنها بالفتحة ، وعلى الثانية حذفت الياء اكتفاء عنها بالكسرة ، ونسبه إلى الأم مع كونه أخاه لأبيه وأمه عند الجمهور استعطافا له وترقيقا لقلبه ؛ فليس ذكرها لكونه أخاه من أمه فقط كما قيل ، فإن الحق إنه كان شقيقه .

{ لا تأخذ بلحيتي } وكان أخذها بشماله { ولا برأسي } وكان أخذ شعره بيمينه غضبا ، والمعنى ولا بشعر رأسي وكان قد أخذ بذؤابتيه ، أي لا تفعل هذا بي عقوبة منك لي فإن لي عذرا هو { إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل } أي خشيت إن خرجت عنهم وتركتهم أن يتفرقوا فتقول لي إنك فرقت جماعتهم وتغضب عليّ ، وذلك لأن هارون لو خرج لتبعه جماعة ممن لم يعبد العجل وتخلف مع السامري عند العجل آخرون ، وربما أفضى ذلك إلى القتال بينهم .

{ ولم ترقب قولي } أي تقول لم تعمل بوصيتي لك فيهم وتحفظها ، ومراده بوصية موسى له قوله هو :اخلفني في قومي وأصلح . قال أبو عبيدة : معناه ولم تنتظر عهدي وقدومي لأنك أمرتني أن أكون معهم . وقال ابن جريج : لم تنتظر قولي ما أنا صانع .

وقال ابن عباس : لم تحفظ قومي ، والياء في { قولي } واقعة على موسى ، وقيل واقعة على هارون ، لكن المفسرون على الاحتمال الأول كالسمين والبيضاوي والخازن والخطيب فكلهم اقتصروا على ذلك .

والمعنى على الثاني وخشيت عدم تأملك في القول حتى تفهم عذري ، فاعتذر هارون إلى موسى ههنا بهذا ، واعتذر إليه في الأعراف بما حكاه الله عنه هنالك حيث قال : إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني .