في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

16

وفي هذا الموقف العصيب يقال له : ( لقد كنت في غفلة من هذا . فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) . . قوي لا يحجبه حجاب ، وهذا هو الموعد الذي غفلت عنه ، وهذا هو الموقف الذي لم تحسب حسابه ، وهذه هي النهاية التي كنت لا تتوقعها . فالآن فانظر . فبصرك اليوم حديد !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله : { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ }

أحدها : أن المراد بذلك الكافر . رواه علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس . وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان .

والثاني : أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر ؛ لأن الآخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة والدنيا كالمنام . وهذا اختيار ابن جرير ، ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس .

والثالث : أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم . وبه يقول زيد بن أسلم ، وابنه . والمعنى على قولهما : لقد كنت في غفلة من هذا الشأن {[27309]} قبل أن يوحى إليك ، فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك ، فبصرك اليوم حديد .

والظاهر من السياق خلاف هذا ، بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو ، والمراد بقوله : { لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا } يعني : من هذا اليوم ، { فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } أي : قوي ؛ لأن كل واحد يوم القيامة يكون مستبصرا ، حتى الكفار في الدنيا يكونون يوم القيامة على الاستقامة ، لكن لا ينفعهم ذلك . قال الله تعالى : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] ، وقال تعالى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] .


[27309]:- (2) في أ: "القرآن".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

قرأ الجحدري : «لقد كنتِ » على مخاطبة النفس وكذلك كسر الكافات بعد .

وقال صالح بن كيسان والضحاك وابن عباس معنى قوله : { لقد كنت } أي يقال للكافر الغافل من ذوي النفس التي معها السائق والشهيد إذا حصل بين يدي الرحمن وعاين الحقائق التي كان لا يصدق بها في الدنيا ويتغافل عن النظر فيها ، { لقد كنت في غفلة من هذا } ، فلما كشف الغطاء عنك الآن احتد بصرك أي بصيرتك وهذا كما تقول : فلان حديد الذهن والفؤاد ونحوه ، وقال مجاهد : هو بصر العين إذا احتد التفاته إلى ميزانه وغير ذلك من أهوال القيامة .

وقال زيد بن أسلم قوله تعالى : { ذلك ما كنت منه تحيد } [ ق : 19 ] وقوله تعالى : { لقد كنت } الآية ، مخاطبة لمحمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى أنه خوطب بهذا في الدنيا ، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من معرفة هذا القصص والغيب حتى أرسلناك وأنعمنا عليك وعلمناك ، { فبصرك اليوم حديد } ، وهذا التأويل يضعف من وجوه ، أحدها أن الغفلة إنما تنسب أبداً إلى مقصر ، ومحمد صلى الله عليه وسلم لا تقصير له قبل بعثه ولا بعده وثان : أن قوله : بعد هذا : { وقال قرينه } يقتضي أن الضمير إنما يعود على أقرب مذكور ، وهو الذي يقال له { فبصرك اليوم حديد } وإن جعلناه عائداً على ذي النفس في الآية المتقدمة جاء هذا الاعتراض لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الكلامين غير متمكن فتأمله . وثالث : أن معنى توقيف الكافر وتوبيخه على حاله في الدنيا يسقط ، وهو أحرى بالآية وأولى بالرصف ، والوجه عندي ما قاله الحسن وسالم بن عبد الله إنها مخاطبة للإنسان ذي النفس المذكورة من مؤمن وكافر .

و : { فكشفنا عنك غطاءك } ، قال ابن عباس : هي الحياة بعد الموت ، وينظر إلى معنى كشف الغطاء قول النبي صلى الله عليه وسلم : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » .