النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

قوله عز وجل : { لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ من هَذَا } فيه وجهان :

أحدهما أنه الكافر ، كان في غفلة من عواقب كفره ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنه النبي صلى الله عليه وسلم ، كان في غفلة عن الرسالة مع قريش في جاهليتهم ، قاله عبد الرحمن بن زيد .

ويحتمل ثالثاً : لقد كنت أيها الإنسان في غفلة{[2741]} عن أن كل نفس معها سائق وشهيد لأن هذا لا يعرف إلا بالنصوص الإلهية .

{ فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أنه إذا كان في بطن أمه فولد ، قاله السدي .

الثاني : إذا كان في القبر فنشر ، وهذا معنى قول ابن عباس .

الثالث : أنه وقت العرض في القيامة ، قاله مجاهد .

الرابع : أنه نزول الوحي وتحمل الرسالة ، وهذا معنى قول ابن زيد .

{ فَبَصَرُكَ اليَوْمَ حَدِيدٌ } وفي المراد بالبصر هنا وجهان :

أحدهما : بصيرة القلب لأنه يبصر بها من شواهد الأفكار ، ونتائج الاعتبار ما تبصر العين ما قابلها من قبلها من الأشخاص والأجسام ، فعلى هذا في قوله : { حَدِيدٌ } تأويلان :

أحدهما : سريع كسرعة مور الحديد .

الثاني : صحيح كصحة قطع الحديد .

الوجه الثاني : أن المراد به بصر العين وهو الظاهر ، فعلى هذا في قوله : { حَدِيدٌ } تأويلان :

أحدهما : شديد ، قاله الضحاك .

الثاني : بصير ، قاله ابن عباس .

وماذا يدرك البصر ؟ فيه خمسة أوجه :

أحدها : يعاين الآخرة ، قاله قتادة .

الثاني : لسان الميزان ، قاله الضحاك .

الثالث : ما يصير إليه من ثواب أو عقاب ، وهو معنى قول ابن عباس .

الرابع : ما أمر به من طاعة وحذره من معصية ، وهو معنى قول ابن زيد .

الخامس : العمل الذي كان يعمله في الدنيا ، قاله الحسن .


[2741]:في غفلة: سقطت من ع.