الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

ثم قال : { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } [ 22 ] .

أي : لقد كنت أيها الإنسان في غفلة في الدنيا عما يراد بك وعما{[64784]} يحصى{[64785]} عليك إذ لم تعاينه ، فكشفنا عنك الغطاء الآن فنظرت إلى الأهوال والشدائد فزالت الغفلة .

قال ابن عباس : هذا للكافر خاصة ، لأن المؤمن قد آمن بجميع ما يقدم عليه فلم يكن عليه غطاء ، وكذلك قال مجاهد وسفيان{[64786]} .

وقال ابن زيد هو للنبي صلى الله عليه وسلم{[64787]} خاصة أي : كنت مع القوم في جاهليتهم فهديناك إلى الإسلام ، وأعلمناك ما يراد بك فكشفنا عنك الغطاء الذي كان عليك في الجاهلية{[64788]} .

وقد احتج زيد بن أسلم في هذه الآيات{[64789]} أنها للنبي صلى الله عليه وسلم { ألم يجدك يتيما فأوى ووجدك ضالا فهدى }{[64790]} فيكون الكشف على قوله في الدنيا ، وعلى قول ابن عباس ومجاهد وسفيان{[64791]} يوم القيامة{[64792]} .

وقيل : بل هذا الجميع الخلق ، البر والفاجر{[64793]} ، لأن المعاينة ليست كالخبر .

وعن ابن عباس : { فكشفنا عنك غطاءك } قال : هو الحياة بعد الموت{[64794]} .

ثم قال : { فبصرك اليوم حديد } .

أي : فأنت اليوم حاد النظر{[64795]} ، عالم بما كنت تخبر به علم معاينة لا علم خبر .

والبصر هنا يراد به بصر القلب ، كما يقال : فلان بصير بالفقه .


[64784]:ع: "عما".
[64785]:ح: "يحصى".
[64786]:انظر: تفسير مجاهد 614 وجامع البيان 26/102، والدر المنثور.
[64787]:ساقط من ع.
[64788]:انظر: جامع البيان 26/102، وتفسير القرطبي 17/15، وإعراب النحاس 4/226.
[64789]:ح: "الآية".
[64790]:الضحى: 7.
[64791]:سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري من بني ثور بن عبد مناف من مضر أبو عبد الله، أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والفتوى، راوده المنصور العباسي على أن يلي الحكم فأبى، سمع سلمة بن كهيل والأعمش وأيوب السختياني، وروى عنه الأوزاعي وابن جريج ومالك وغيرهم، توفي 161 هـز انظر: طبقات ابن سعد 6/371، وحلية الأولياء 6/356، ووفيات الأعيان 2/386، وفهرست ابن النديم 328، وتهذيب التهذيب 4/111-115، وتاريخ بغداد 9/151.
[64792]:انظر: تفسير مجاهد 614، وجامع البيان 26/102، وتفسير القرطبي 17/15.
[64793]:انظر: تفسير القرطبي 17/15.
[64794]:انظر: جامع البيان 26/103، والدر المنثور7/600.
[64795]:ع: "النضر" وهو خطأ، وانظر: تفسير الغريب 418.