فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

{ لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مّنْ هذا } أي يقال له : لقد كنت في غفلة من هذا ، والجملة في محل نصب على الحال من { نفس } ، أو مستأنفة كأنه قيل : ما يقال له ، قال الضحاك : المراد بهذا : المشركون ، لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم . وقال ابن زيد : الخطاب للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة . وقال أكثر المفسرين : المراد به جميع الخلق برّهم ، وفاجرهم ، واختار هذا ابن جرير . قرأ الجمهور بفتح التاء من { كُنْتَ } ، وفتح الكاف في { غطاءك } ، و { بصرك } حملاً على ما في لفظ { كل } من التذكير . وقرأ الجحدري وطلحة بن مصرف بالكسر في الجميع على أن المراد النفس { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ } الذي كان في الدنيا ، يعني : رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة ، ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك { فَبَصَرُكَ اليوم حَدِيدٌ } أي نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا .

قال السديّ : المراد بالغطاء : أنه كان في بطن أمه فولد ، وقيل : إنه كان في القبر فنشر ، والأوّل أولى . والبصر قيل : هو بصر القلب ، وقيل : بصر العين ، وقال مجاهد : بصرك إلى لسان ميزانك حين توزن حسناتك وسيئاتك ، وبه قال الضحاك .

/خ35