فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ} (22)

وعن أبي هريرة قال : السائق الملك ، والشهيد العمل ، وقال ابن عباس : السائق الملك والشهيد شاهد عليه من نفسه ، ثم في الآية قولان .

أحدهما : أنها عامة في المسلم والكافر ، وهو قول الجمهور .

الثاني : أنها خاصة بالكافر ، قاله الضحاك ويقال للكافر : { لقد كنت في غفلة من هذا } وبه قال ابن عباس وقال الضحاك : المراد بهذا المشركون ، لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم ، وقال ابن زيد : الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة ، وقال أكثر المفسرين المراد به جميع الخلق برهم وفاجرهم ، واختار هذا ابن جرير لأنه ما من أحد إلا وله اشتغال ما عن الآخرة ، قرأ الجمهور بفتح التاء من كنت وفتح الكاف في غطاءك وبصرك حملا على ما في لفظ كل من التذكير وقرئ بالكسر في الجميع على أن المراد النفس .

{ فكشفنا عنك غطاءك } الذي كان في الدنيا ، يعني رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة ، ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك ، وقال ابن عباس : الحياة بعد الموت ، قال البيضاوي : الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والإنهماك في المحسوسات ، والإلف بها وقصور النظر عليها ، قال السدي : المراد بالغطاء أنه كان في بطن أمه فولد ، وقيل أنه كان في القبر فنشر ، والأول أولى .

{ فبصرك اليوم حديد } أي : نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا ، وتدرك به ما أنكرته فيها والبصر ، قيل : هو بصر القلب ، وقيل : بصر العين ، وقال مجاهد : بصرك أي لسان ميزانك ، حين توزن حسناتك وسيئاتك ، وبه قال الضحاك .