في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

وفي ثنايا الليل . وعند إدبار النجوم في الفجر . هنالك مجال الاستمتاع بهذا الإيناس الحبيب . والتسبيح زاد وأنس ومناجاة للقلوب . فكيف بقلب المحب الحبيب القريب ? ? ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

وقوله : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ } أي : اذكره واعبده بالتلاوة والصلاة في الليل ، كما قال : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } [ الإسراء : 79 ] .

وقوله : { وَإِدْبَارَ النُّجُومِ } قد تقدم في حديث ابن عباس أنهما الركعتان اللتان قبل صلاة الفجر ، فإنهما مشروعتان عند إدبار النجوم ، أي : عند جنوحها للغيبوبة . وقد روى{[27548]} [ في حديث ]{[27549]} ابن سيلان ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لا تَدَعُوهما ، وإن طردتكم الخيل " . يعني : ركعتي الفجر{[27550]} رواه أبو داود . ومن هذا الحديث حكي عن بعض أصحاب الإمام أحمد القول بوجوبهما ، وهو ضعيف لحديث : " خمس صلوات في اليوم والليلة " . قال : هل علي غيرها{[27551]} ؟ قال : " لا إلا أن تطوع " {[27552]} وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة ، رضي الله عنها ، أنها قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر{[27553]} وفي لفظ لمسلم : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " {[27554]}

آخر تفسير سورة الطور [ والله أعلم ] {[27555]}


[27548]:- (1) في م، أ: "ورد".
[27549]:- (2) زيادة من م، أ.
[27550]:- (3) رواه أبو داود في السنن برقم (1258).
[27551]:- (4) في أ: "غيرهن".
[27552]:- (5) رواه البخاري في صحيحه برقم (46) ومسلم في صحيحه برقم (11) من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه.
[27553]:- (6) صحيح البخاري برقم (1169) وصحيح مسلم برقم (724).
[27554]:- (7) صحيح مسلم برقم (725).
[27555]:- (8) زيادة من أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

{ ومن الليل فسبحه } فإن العبادة فيه أشق على النفس وإبعد من الرياء ، ولذلك أفرده بالذكر وقدمه على الفعل { وإدبار النجوم } وإذا أدبرت النجوم من آخر الليل ، وقرئ بالفتح أي في أعقابها إذا غربت أو خفيت .

ختام السورة:

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والطور كان حقا على الله أن يؤمنه من عذابه وأن ينعمه في جنته " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

و{ من الليل } أي زمناً هو بعض الليل ، فيشمل وقت النهي للنوم وفيه تتوارد على الإنسان ذكريات مهماته ، ويشمل وقت التهجد في الليل .

وقوله : { فسبحه } اكتفاء ، أي واحمده .

وانتصب { وإدبار النجوم } على الظرفية لأنه على تقدير : ووقت إدبار النجوم .

والإِدبار : رجوع الشيء من حيث جاء لأنه ينقلب إلى جهة الدُبر ، أي الظهر .

وإدبار النجوم : سقوط طوالعها ، فإطلاق الإِدبار هنا مجاز في المفارقة والمزايلة ، أي عند احتجاب النجوم . وفي الحديث : " إذا أقبل الليل من ههنا ( الإِشارة إلى المشرق ) وأدْبر النهار من ههنا ( الإِشارة إلى جهة المغرب ) فقد أفطر الصائم " . وسقوط طوالعها التي تطلع : أنها تسقط في جهة المغرب عند الفجر إذا أضاء عليها ابتداء ظهور شعاع الشمس ، فإدبار النجوم : وقت السحر ، وهو وقت يستوفي فيه الإِنسان حظه من النوم ، ويبقى فيه ميل إلى استصحاب الدَّعَة ، فأمر بالتسبيح فيه ليفصل بين النوم المحتاج إليه وبين التناوم الناشىء عن التكاسل ، ثم إن وجد في نفسه بعد التسبيح حاجة إلى غفوة من النوم اضطجع قليلاً إلى أن يحين وقت صلاة الصبح ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضطجع بعد صلاة الفجر حتى يأتيه المؤذن بصلاة الصبح .

والنجوم : جمع نجم وهو الكوكب الذي يضيء في الليل غير القمر ، وتقدم عند قوله تعالى : { وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم } في سورة النحل ( 12 ) .

والآية تشير إلى أوقات الرغائب من النوافل وهي صلاة الفجر والأشفاع بعد العشاء وقيام آخر الليل . وقيل : إشارت إلى الصلوات الخمس بوجه الإِجمال وبيّنتهُ السنة .