تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

44

49- { وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ } .

أي : اذكره أثناء الليل ، وخصّ الليل بالذات لأن القيام فيه أشق على النفس .

وقيل : المراد بقوله تعالى : وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ . . . أي : صل لله صلاة الليل ، وكان قيام الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم . قال تعالى : { يأيها المزمل*قم الليل إلاّ قليلا } . ( المزمل : 1-2 )

وقال سبحانه وتعالى : { ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } . ( الإسراء : 79 )

وقد مدح المؤمنين والمتقين بقيام الليل ، فقال سبحانه وتعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } . ( السجدة : 16-17 )

وقال عز شأنه : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } . ( الذاريات : 15-19 )

وقيل : المراد بتسبيح الله ليلا صلاتا المغرب والعشاء .

والمراد بقوله تعالى : وَإِدْبَارَ النُّجُومِ . أي : سبح الله وصلِّ له عند غياب النجوم ، وذهاب ضوئها ، إذا طلع الفجر الثاني ، وهو البياض المنشق من سواد الليل ، والمراد به صلاة ركعتين قبل الفجر .

وهذا مروي عن كثير من الصحابة ، كما أنه مأثور عن كثير من التابعين .

وعن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " يا بن عباس ، ركعتان قبل الفجر ، إدبار النجوم ، وركعتان بعد المغرب ، أدبار السجود " x .

وفي صحيح مسلم ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل ، أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح . xi

وعن عائشة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " xii .

***

تم بحمد الله تفسير سورة ( الطور ) ظهر يوم الخميس 30من جمادى الآخرة 1421ه ، الموافق 28/9/2000 .

i ورد في الصحيحين في حديث الإسراء : " ثم رفع بي إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألفا يعودون إليه آخر ما عليهم " ، يعني : يتعبدون فيه ويطوفون به كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم .

ii ثم رفع بي إلى البيت المعمور :

رواه البخاري في بدء الخلق ( 3207 ) ومسلم في الإيمان ( 162 ) من حديث أنس .

iii لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت :

رواه البخاري في المرضى ( 5673 ) ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار ( 2816 ) ، من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لن يدخل أحدا عمله الجنة " ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " لا ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة ، فسددوا وقاربوا ولا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا ، وإما مسيئا فلعله أن يستعتب "

iv جعل الله الرحمة مائة جزء :

رواه البخاري في الأدب ( 6000 ) ومسلم في التوبة ( 2752 ) من حديث أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه " .

v سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور :

رواه البخاري في تفسير القرآن ( 4854 ) وابن ماجة في إقامة الصلاة ( 832 ) من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون*أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون*أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون } . قال : كاد قلبي أن يطير .

vi الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية ، تأليف سليمان بن عمر العجيلي الشافعي ، الشهير بالجمل المتوفى سنة 1204 ه ، طبع بمطبعة عيسى البابي الحلبي بمصر .

vii سبحانك اللهم وبحمدك :

رواه أبو داود في الأدب ( 4859 ) والدارمي في الاستئذان ( 2658 ) وأحمد ( 19270 ) من حديث أبي برزة الأسلمي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بآخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس : " سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك " . فقال رجل : يا رسول الله ، إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى ، فقال : " كفارة لما يكون في المجلس " .

viii اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض :

رواه البخاري في التهجد ( 1120 ) ومسلم في صلاة المسافرين ( 1288 ) ، والترمذي في الدعوات ( 3340 ) ، والنسائي في قيام الليل ( 1601 ) ، وأبو داود في الصلاة ( 566 ) ، وابن ماجة في إقامة الصلاة ( 1345 ) ، وأحمد ( 2575 ) ، ومالك في النداء للصلاة ( 541 ) ، والدارمي في الصلاة ( 1448 ) .

ix فجلس فمسح النوم عن وجهه :

رواه البخاري في الجمعة ( 1198 ) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها وهي خالته قال : فاضطجعت على عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر آيات خواتيم سورة آل عمران ، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ، ثم قام يصلي قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها بيده فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين أوتر ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح .

x إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر :

رواه الترمذي في تفسير القرآن ( 3275 ) من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إدبار النجوم الركعتان قبل الفجر ، وإدبار السجود الركعتان بعد المغرب " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، من حديث محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب وسألت محمد بن إسماعيل عن محمد ورشدين بن كريب أيهما أوثق قال : ما أقربهما ، ومحمد عندي أرجح ، قال : وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا فقال : ما أقربهما ، ورشدين بن كريب أرجحهما عندي ، قال : والقول عندي ما قال أبو محمد ورشدين أرجح من محمد وأقدم ، وقد أدرك رشدين ابن عباس ورآه .

xi لم يكن على شيء من النوافل أشد :

رواه مسلم في صلاة المسافرين ( 724 ) وأبو داود في الصلاة ( 1254 ) وأحمد ( 23647 ) من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح .

xii ركعتا الفجر خير من الدنيا :

رواه مسلم في صلاة المسافرين ( 725 ) من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .