المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَسَبِّحۡهُ وَإِدۡبَٰرَ ٱلنُّجُومِ} (49)

{ ومن الليل } المغرب والعشاء . { وإدبار النجوم } الصحب . ومن قال هي النوافل جعل { إدبار النجوم } : ركعتي الفجر ، وعلى هذا القول جماعة كثيرة ، منهم عمر وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة والحسن رضي الله عنهم . وقد روي مرفوعاً ومن جعله التسبيح المعروف ، جعل قوله : { حين تقوم } مثالاً ، أي حين تقوم وحين تقعد وفي كل تصرفك . وحكى منذر عن الضحاك أن المعنى : { حين تقوم } في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام فقل . «سبحانك اللهم وبحمدك ، تبارك اسمك ، وتعالى جدك »{[10663]} ، الحديث .

وقرأ سالم بن أبي الجعد{[10664]} ويعقوب : «وأدبار » بفتح الهمزة بمعنى : وأعقاب ، ومنه قول الشاعر [ قيس بن الملوح ] : [ الطويل ]

فأصبحت من ليلى الغداة كناظر . . . مع الصبح في أعقاب نجم مغرب{[10665]}

وقرأ جمهور الناس : «وإدبار » بكسر الهمزة .


[10663]:هذا الحديث أخرجه الترمذي في الصلاة، والنسائي في الافتتاح، وابن ماجه في الإقامة، والدارمي في الصلاة، وأحمد في مسنده(3-50، 69)، عن أبي سعيد الخدري، ولفظه كما في مسند أحمد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل واستفتح صلاته وكبر قال: (سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، ثم يقول:(لا إله إلا الله) ثلاثا، ثم يقول:(أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه)، ثم يقول:(الله أكبر) ثلاثا، ثم يقول:(أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفحه ونفثه).
[10664]:هو سالم بن أبي الجعد رافع، الغطفاني الأشجعي مولاهم، الكوفي، ثقة، وكان يرسل كثيرا، من الثالثة، مات سنة سبع أو ثمان وتسعين، وقيل: مائة أو بعد ذلك، ولم يثبت أنه جاوز المائة.(تقريب التهذيب).
[10665]:هذا البيت لقيس بن الملوح، وهو في الديوان، والأغاني، واللسان، وذكر صاحب اللسان أن المبرد نسب هذا البيت إلى أبي حية النُّميري، والمُغرب: الذي يأخذ في ناحية المغرب، والشاهد في البيت أن "أعقاب" بمعنى: بعده، أو خلفه، وأعقاب النجوم بمعنى (أدبار النجوم).