( وآتيناهم بينات من الأمر . . )
فكان ما أوتوه من الشريعة بينا حاسماً فاصلاً ، لا غموض فيه ولا لبس ولا عوج ولا انحراف ؛ فلم يكن هناك ما يدعو إلى الاختلاف في هذا الشرع البين كما وقع منهم ؛ وما كان هذا عن غموض في الأمر ، ولا كان عن جهل منهم بالصحيح من الحكم :
فما اختلفوا إلا من بعدما جاءهم العلم . .
إنما كان ذلك عن تحاسد بينهم ، ونزاع وظلم ، مع معرفة الحق والصواب :
وبذلك انتهت قيادتهم في الأرض ، وبطل استخلافهم ، وأمرهم بعد ذلك إلى الله يوم القيامة :
( إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) . .
{ وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأمْرِ } أي : حججا وبراهين وأدلة قاطعات ، فقامت{[26317]} عليهم الحجج ثم اختلفوا بعد ذلك من بعد قيام الحجة ، وإنما كان ذلك بغيا منهم على بعضهم بعضا ، { إِنَّ رَبَّكَ } يا محمد { يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } أي : سيفصل بينهم بحكمه العدل . وهذا فيه تحذير لهذه الأمة أن تسلك مسلكهم ، وأن تقصد منهجهم ؛ ولهذا قال : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَآتَيْنَاهُم بَيّنَاتٍ مّنَ الأمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوَاْ إِلاّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنّ رَبّكَ يَقْضِي بِيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وأعطينا بني إسرائيل واضحات من أمرنا بتنزيلنا إليهم التوراة فيها تفصيل كل شيء فَمَا اخْتَلَفُوا إلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ العِلْمُ بَغْيا بَيْنَهُمْ طلبا للرياسات ، وتركا منهم لبيان الله تبارك وتعالى في تنزيله .
وقوله : إنّ رَبّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ فِيما كانُوا فيهِ يَخْتَلِفُونَ ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن ربك يا محمد يقضي بين المختلفين من بني إسرائيل بغيا بينهم يوم القيامة ، فيما كانوا فيه في الدنيا يختلفون بعد العلم الذي آتاهم ، والبيان الذي جاءهم منه ، فيفلج المحقّ حينئذٍ على المبطل بفصل الحكم بينهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.