في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

ويمضي السياق في حكاية قول لقمان لابنه وهو يعظه . فإذا هو يتابع معه خطوات العقيدة بعد استقرارها في الضمير . بعد الإيمان بالله لا شريك له ؛ واليقين بالآخرة لا ريب فيها ؛ والثقة بعدالة الجزاء لا يفلت منه مثقال حبة من خردل . . فأما الخطوة التالية فهي التوجه إلى الله بالصلاة ، والتوجه إلى الناس بالدعوة إلى الله ، والصبر على تكاليف الدعوة ومتاعبها التي لا بد أن تكون :

( يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك . إن ذلك من عزم الأمور ) . .

وهذا هو طريق العقيدة المرسوم . . توحيد لله ، وشعور برقابته ، وتطلع إلى ما عنده ، وثقة في عدله ، وخشية من عقابه . ثم انتقال إلى دعوة الناس وإصلاح حالهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر . والتزود قبل ذلك كله للمعركة مع الشر ، بالزاد الأصيل . زاد العبادة لله والتوجه إليه بالصلاة . ثم الصبر على ما يصيب الداعية إلى الله ، من التواء النفوس وعنادها ، وانحراف القلوب وإعراضها . ومن الأذى تمتد به الألسنة وتمتد به الأيدي . ومن الابتلاء في المال والابتلاء في النفس عند الاقتضاء . . ( إن ذلك من عزم الأمور ) . . وعزم الأمور : قطع الطريق على التردد فيها بعد العزم والتصميم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ} (17)

ثم قال : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ } أي : بحدودها وفروضها وأوقاتها ، { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ } أي : بحسب طاقتك وجهدك ، { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } ، علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، لا بد أن يناله من الناس أذى ، فأمره بالصبر .

وقوله : { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ } أي : إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور .