في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

57

ثم يعود إلى تقرير شيء عن عيسى عليه السلام . يذكرهم بأمر الساعة التي يكذبون بها أو يشكون فيها :

( وإنه لعلم للساعة . فلا تمترن بها . واتبعون . هذا صراط مستقيم . ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ) . .

وقد وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى - عليه السلام - إلى الأرض قبيل الساعة وهو ما تشير إليه الآية : ( وإنه لعلم للساعة )بمعنى أنه يُعلم بقرب مجيئها ، والقراءة الثانية ( وأنه لَعَلَم للساعة )بمعنى أمارة وعلامة . وكلاهما قريب من قريب .

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها " .

وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . فينزل عيسى ابن مريم ، فيقول أميرهم : تعال : صل لنا . فيقول : لا . إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله تعالى لهذه الأمة " .

وهو غيب من الغيب الذي حدثنا عنه الصادق الأمين وأشار إليه القرآن الكريم ، ولا قول فيه لبشر إلا ما جاء من هذين المصدرين الثابتين إلى يوم الدين .

( فلا تمترن بها . واتبعون . هذا صراط مستقيم ) . .

وكانوا يشكون في الساعة ، فالقرآن يدعوهم إلى اليقين . وكانوا يشردون عن الهدى ، والقرآن يدعوهم على لسان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إلى اتباعه فإنه يسير بهم في الطريق المستقيم ، القاصد الواصل الذي لا يضل سالكوه .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وإنه لعلم للساعة } أي وإن عيسى عليه السلام بنزوله من السماء لتعلم به الساعة . وقرئ " لعلم " أي لعلامة على قربها ؛ وهو من أعظم أماراتها ، وجاءت به الأحاديث الصحيحة . { فلا تمترن بها } فلا تشكن في قيامها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

قوله تعالى : { وإنه } أي عيسى عليه السلام ، { لعلم للساعة } يعني نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها ، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة وقتادة : وإنه لعلم للساعة بفتح اللام والعين أي أمارة وعلامة . وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عادلاً يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، وتهلك في زمانه الملل كلها إلا الإسلام " . ويروى : أنه ينزل على ثنية بالأرض المقدسة ، وعليه ثوبان مصرتان ، وشعر رأسه دهين ، وبيده حربة وهي التي يقتل بها الدجال ، فيأتي بيت المقدس والناس في صلاة العصر ، فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلي خلفه على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب ، ويخرب البيع والكنائس ، ويقتل النصارى إلا من آمن به . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أن أبا هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم " . وقال الحسن وجماعة : ( وإنه ) يعني وإن القرآن ( لعلم للساعة ) يعلمكم قيامها ، ويخبركم بأحوالها وأهوالها ، { فلا تمترن بها } فلا تشكن فيها ، قال ابن عباس : لا تكذبوا بها ، { واتبعون } على التوحيد ، { هذا } الذي أنا عليه . { صراط مستقيم }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وإنه } أي وإن عيسى { لعلم للساعة } بنزوله يعلم قيام الساعة { فلا تمترن بها } لا تشكوا فيها

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

ولما ذكر سبحانه الإعدام والخلافة بسببه فرضاً ، ذكر أن إنزاله إلى الأرض آخر الزمان أمارة على إعدام الناس تحقيقاً ، فقال مؤكداً لأجل إنكارهم : { وإنه } أي عيسى عليه الصلاة والسلام { لعلم للساعة } أي نزوله سبب للعلم بقرب الساعة التي هي إعدامه الخلائق كلهم بالموت ، وكذا ما نقل عنه من أنه كان يحيى وكذا إبراؤه الأسقام سبب عظيم للقطع بالساعة التي هي القيامة ، فهو سبب للعلم بالأمرين : عموم الإعدام وعموم القيام .

ولما كان قريش يستنصحون اليهود يسألونهم - لكونهم أهل الكتاب - عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النصارى مثلهم في ذلك ، وكان كون عيسى عليه الصلاة والسلام من أعلام الساعة أمراً مقطوعاً به عند الفريقين ، أما النصارى فيقولون : إنه الذي أتى إليهم ورفع إلى السماء كما هو عندنا ، وأما اليهود فيقولون : إنه إلى الآن لم يأت ، ويأتي بعد ، فثبت بهذا أمر عيسى عليه الصلاة والسلام فيما أخبر الله تعالى عنه من إنعامه عليه ، ومن أنه من أعلام الساعة بشهادة الفرق الثلاثة اليهود والنصارى والمسلمين ثباتاً عظيماً جداً ، فصارت كأنها مشاهدة ، فلذلك سبب عما سبق قوله على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام ، لافتاً القول إلى مواجهتهم مؤكداً في مقابلة إنكارهم لها بما ثبت من شهادة الفرق الثلاثة : { فلا تمترن } أي تشكوا أدنى شك وتضطربوا أدنى اضطراب وتجحدوا أدنى جحد وتجادلوا أدنى جدل { بها } أي بسببها ، يقال : مرى الشيء وامتراه : استخرجه ، ومراه مائة سوط : ضربه ، ومراه حقه ، أي جحده ، والمرية بالضم والكسر : الجدل والشك { واتبعون } أي أوجدوا تبعكم بغاية جهدكم { هذا } أي كل ما أمرتكم به من هذا وغيره { صراط } أي طريق واسع واضح { مستقيم } أي لا عوج فيه .