فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لّلسَّاعَةِ } قال مجاهد ، والضحاك ، والسدّي ، وقتادة : إن المراد المسيح ، وإن خروجه مما يعلم به قيام الساعة لكونه شرطاً من أشراطها ، لأن الله سبحانه ينزله من السماء قبيل قيام الساعة ، كما أن خروج الدّجال من أعلام الساعة . وقال الحسن وسعيد بن جبير : المراد القرآن ، لأنه يدلّ على قرب مجيء الساعة ، وبه يعلم وقتها وأهوالها وأحوالها ، وقيل المعنى : أن حدوث المسيح من غير أب وإحياءه للموتى دليل على صحة البعث . وقيل : الضمير لمحمد صلى الله عليه وسلم ، والأوّل أولى . قرأ الجمهور { لعلم } بصيغة المصدر جعل المسيح علماً مبالغة لما يحصل من العلم بحصولها عند نزوله ، وقرأ ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو مالك الغفاري ، وقتادة ، ومالك بن دينار ، والضحاك ، وزيد بن علي بفتح العين واللام ، أي : خروجه علم من أعلامها ، وشرط من شروطها ، وقرأ أبو نضرة وعكرمة : " وإنه للعلم " بلامين مع فتح العين واللام ، أي : للعلامة التي يعرف بها قيام الساعة { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } أي : فلا تشكنّ في وقوعها ولا تكذّبن بها ، فإنها كائنة لا محالة { واتبعون هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ } أي اتبعوني فيما آمركم به من التوحيد وبطلان الشرك ، وفرائض الله التي فرضها عليكم ، هذا الذي آمركم به وأدعوكم إليه طريق قيم موصل إلى الحقّ . قرأ الجمهور بحذف الياء من { اتبعون } وصلا ووقفا ، وكذلك قرءوا بحذفها في الحالين في { أطيعون } ، وقرأ يعقوب بإثباتها وصلا ووقفا فيهما ، وقرأ أبو عمرو وهي : رواية عن نافع بحذفها في الوصل دون الوقف .

/خ73