الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

ثم قال تعالى : { وإنه علم الساعة } أي : وإن ظهور عيسى{[61706]} علم يعلم به قرب قيام الساعة أي : هو من أشراطها ، ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا وإقبال الآخرة هذا معنى قول ابن عباس والحسن ومجاهد ، وهو قول قتادة والضحاك وابن زيد{[61707]} .

فالهاء في : ( وإنه ){[61708]} تعود على عيسى{[61709]} على قولهم .

وقد قرأ مجاهد : ( وإنه لعلم ) بفتحتين{[61710]} على معنى : وإن نزول عيسى لعلامة{[61711]} لقرب الساعة .

ورُوي عن الحسن أنه قال معناه : وإن هذا القرآن للساعة ، وحكي مثله عن قتادة{[61712]} .

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لينزلن ابن مريم حكما عدلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير " {[61713]} .

وروى مالك عن ابن شهاب عن حنظلة بن علي الأسلمي{[61714]} عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليهلن{[61715]} ابن مريم بفج{[61716]} ( الروحاء حاجا ومعتمرا ){[61717]} أو ليثنيهما{[61718]} جميعا " {[61719]} .

وروى مالك{[61720]} عن زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال : " لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما عدلا وإماما{[61721]} مقسطا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، وتضع الحرب أوزارها ، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين " {[61722]} .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يقتل ابن مريم الدجال ( بباب لد ){[61723]} .

قال ابن القاسم عن مالك : بينما{[61724]} الناس ( بباب لد ){[61725]} إذ يسمعون الإقامة ، فتغاشهم غمامة ، فإذا عيسى ابن مريم{[61726]} قد نزل .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ينزل عيسى{[61727]} عند المنارة البيضاء شرقي{[61728]} دمشق " {[61729]} .

وروي ( عن ابن عمر ){[61730]} أنه قال : يخرج الدجال ، ويبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود الثقفي{[61731]} ، فيطلبه ويهلكه{[61732]} .

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تهلك أمة أنا أولها والمسيح آخرها " {[61733]} .

وروى ابن وهب عن مالك أنه{[61734]} قال : يموت عيسى ( في المدينة ){[61735]} فيدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر ، وقد ترك موضع قبره بينهم .

قال عبد الله بن سلام : نجد في التوراة أن عيسى يدفعن مع محمد صلى الله عليه وسلم .

وكان بعض الصحابة يتوقع قرب نزوله .

وروي عن أبي هريرة أنه كان يلقى{[61736]} الغلام الشاب فيقول له : إن لقيت عيسى بن مريم فأقره عني السلام ، وقاله أبو ذر لبعض جلسائه .

وقيل : المعنى : وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لعلم للساعة لأنه خاتم النبيين . فيكون معناه : يعلم بعته{[61737]} قرب قيام الساعة . وهي في قراءة أبي : ( وإنه لذكر للساعة ){[61738]} .

ثم قال تعالى : { فلا تمترن بها } أي : لا تشكن في قيام الساعة أيها الناس .

ثم قال : { واتبعون هذا صراط مستقيم } أي : وأطيعون أيها الناس ، هذا الذي جئتكم به طريق لا عوج{[61739]} فيه .


[61706]:(ح): عيسى صلى الله عليه وسلم.
[61707]:انظر تفسير مجاهد 2/583، وجامع البيان 25/54، وإعراب النحاس 4/117، وأحكام الجصاص 3/388، والمستدرك 2/448، والتلخيص 2/448، والمحرر الوجيز 14/270، وجامع القرطبي 16/105، وتفسير الثوري 2/583، وتفسير ابن كثير 4/133.
[61708]:(ت): (إنه).
[61709]:(ح): عيسى صلى الله عليه وسلم.
[61710]:قرأ (وإنه لَعَلَمٌ) بفتحتين: ابن عباس وأبو هريرة وقتادة ومالك ابن دينار والضحاك وأبو هند الغفاري ومجاهد أبو نضرة. انظر معاني الفراء 3/37، والمحرر الوجيز 14/270، وجامع القرطبي 16/105.
[61711]:(ح): (لعلامات).
[61712]:انظر جامع البيان 25/45، والمحرر الوجيز 14/270، وأورد النحاس في إعرابه هذه الرواية عن الحسن فقط 4/117.
[61713]:أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب نزول عيسى ابن مريم 247 ج 1/135 عن أبي هريرة بلفظه. وأخرجه الترمذي في كتاب الفتن باب 45 ما جاء في نزول عيسى ج 9/76، وقال حديث حسن صحيح، وأحمد 2/290 كلاهما عن أبي هريرة بمعناه.
[61714]:هو حنظلة بن علي الأسلمي غير محفوظ، روى حديثه حسين المعلم انظر أسد الغابة 1/544 ت 1283.
[61715]:(ح) ليهان (وهو خطأ).
[61716]:(ت): (يعج) و(ح): (يفتح) وكلاهما خطأ والتصويب من مصادر تخريج الحديث كمسند أحمد 2/240 ومسند الحميدي 2/440.
[61717]:(ح): (الدوخا جاء أو معتمرا وليشنينها) وهو خطأ. والروحاء قرية تبعد عن المدينة بواحد وأربعين ميلا. وانظر معجم البلدان 3/76، والروض المعطار 277.
[61718]:(ت): (وليهشانهما) و(ح): (وليشنينهما). والتصويب من مصادر تخريج الحديث أسفله.
[61719]:أخرجه أحمد 2/240 و272 و290 و540، والحميدي في مسنده ج 2/440 ح 1005، وعبد الرزاق في مصنفه ج 11/400 ح 20842 كلهم عن أبي هريرة بمعناه.
[61720]:(ح): ذلك.
[61721]:(ت): (وايمانا) وهو خطأ.
[61722]:أخرجه البخاري في كتاب البيوع 34 باب 102 ح 2222، وكتاب الأنبياء باب 49 ح3448 ومسلم في كتاب الإيمان 1 ح 242 ج 2/191، وأبو داود في كتاب الملاحم 31 باب 14 ح 4324، والترمذي في كتاب الفتن باب 45 ما جاء في نزول عيسى ج 9/76، وقال حسن صحيح، وابن ماجه في كتاب الفتن 36 باب 33 ح 4077 وح 4078، وأحمد 2/272 و394 و482، والحميدي في مسنده 2/468 ح 1097، والطيالسي ح 2297، وعبد الرزاق في مصنفه ج 11/399 ح 20480. كلهم عن أبي هريرة بمعناه. وذكر ابن كثير في تفسيره أن هذا الحديث متواتر. 4/133 و134.
[61723]:أخرجه الترمذي في كتاب الفتن باب قتل عيسى ابن مريم الدجال ج 9/98، وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد 3/420، والحميدي في مسنده 2/365 ح 828، والطيالسي ح 1227. كلهم بلفظه عن مجمع بن جارية، إلا الحميدي فإنه أخرجه بمعناه.
[61724]:(ت): (بيننا).
[61725]:(ح): (بلد).
[61726]:(ح): (عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم).
[61727]:(ح): (عيسى ابن مريم).
[61728]:(ت) و(ح): (يشرف) والتصويب من كتب تخريج الحديث أسفله.
[61729]:أخرجه مسلم في كتاب الفتن باب 20 ح 110 ج 4/2250 وأبو داود في كتاب الملاحم 31/ باب 14 ح 4321، والترمذي في كتاب الفتن باب فتة الدجال ج 9/94، وقال: غريب حسن صحيح، وابن ماجه في كتاب الفتن 36 باب 33 ح 4075، وأحمد 4/182، والطبراني في المعجم الكبير 1/186. كلهم عن النواس بن سمعان بمعناه، إلا الطبراني، فإنه رواه عن أوس بن أوس. ورمز السيوطي في الجامع الصغير لهذا الحديث الذي برواية أوس بأنه حسن ج 2/206، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ج 2/1357 ج 8169.
[61730]:(ح): (ابن عمر عنه).
[61731]:(ت): (الثقفي) و(ح): (التغفي).
[61732]:أخرجه مسلم في كتاب الفتن باب في خروج الدجال ج 4/2258، وأحمد 2/166، والحاكم في مستدركه4/543 وقال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وعقب عليه الذهبي في التلخيص بأنه أخرجه مسلم 4/544. وقد رواه هؤلاء جميعا عن عبد الله بن عمرو بمعناه.
[61733]:لم أقف عليه فيما قرأت.
[61734]:ساقط من (ح).
[61735]:(ح): بالمدينة.
[61736]:(ح): ما يلقى.
[61737]:(ح): (يبعثه).
[61738]:انظر المحرر الوجيز 14/271.
[61739]:(ح): (إلا اعوجاج).