فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ } قال مجاهد والضحاك والسدي وقتادة إن المراد المسيح ، وأن خروجه أي نزوله مما يعلم به قيام الساعة ، أي قربها لكونه شرطا من أشراطها لأن الله سبحانه ينزله من السماء قبيل قيام الساعة ، كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة ، وقال الحسن وسعيد بن جبير المراد القرآن لأنه يدل على قرب مجيء الساعة ، وبه يعلم وقتها وأهوالها وأحوالها ، وقيل المعنى أن حدوث المسيح من غير أب وإحياءه للموتى دليل على صحة البعث ، وقيل الضمير لمحمد صلى الله عليه وسلم والأول أولى .

قال ابن عباس ( أي خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة ) {[1476]} ، وأخرجه الحاكم وابن مردويه عنه مرفوعا ، وعن أبي هريرة نحوه أخرجه عبد بن حميد قرأ الجمهور لعلم بصيغة المصدر ، جعل المسيح علما للساعة مبالغة ، لما يحصل من العلم بحصولها عند نزوله ، وقرأ جماعة من الصحابة بفتح العين واللام ، أي خروجه علم من أعلامها ، وشرط من شروطها ، وقرئ للعلم بلامين مع فتح العين واللام أي للعلامة التي يعرف بها قيام الساعة .

{ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا } أي فلا تشكن في وقوعها ، ولا تكذبن بها ، فإنها كائنة لا محالة { وَاتَّبِعُونِ } قرأ الجمهور بحذف الياء وصلا ووقفا ، وقرئ بإثباتها وصلا ووقفا وقرئ بحذفها في الوصل دون الوقف أي اتبعوني فيما آمركم له من التوحيد وبطلان الشرك ، وفرائض الله التي فرضها عليكم { هَذَا } أي الذي آمركم به وأدعوكم إليه { صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ } أي طريق قيم ، موصل إلى الحق .


[1476]:وقد قال به ابن كثير في تفسيره.