فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعوني هذا صراط مستقيم( 61 ) } .

وإن نزول عيسى-عليه السلام- وخروجه لمن العلامات التي يُعلم بها اقتراب الساعة ومجيء القيامة ، فلا تَشُكُّنَّ في وقوعها وإتيانها ، واتبعوا ما جئت به ، فإن الذي أدعوكم إليه هو الطريق المعتدل الموصل إلى الحق والنجاة .

يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : تقدم تفسير ابن إسحق أن المراد من ذلك ما بُعِثَ به عيسى عليه الصلاة والسلام من إحياء الموتى ، وإبراء الأكمه ، والأبرص ، وغير ذلك من الأسقام ، وفي هذا نظر ؛ وأبعد منه ما حكاه قتادة عن الحسن البصري وسعيد ابن جبير أن الضمير في { وإنه } عائد على القرآن ؛ بل الصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام ، فإن السياق في ذكره ؛ ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة ، كما قال تبارك وتعالى : { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته . . }{[4360]} أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام{ ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا }{[4361]} . . وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا ، وحكما مقسطا . اه .

وفي صحيح مسلم : ( فبينما هو- يعني المسيح الدجال- إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق . بين مهرودتين{[4362]} واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونَفَسه- ينتهي- حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لدّ{[4363]} فيقتله . . ) .

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد ) .


[4360]:سورة النساء. من الآية 159.
[4361]:سورة النساء. من الآية 159
[4362]:أي: شقين أو حلتين.
[4363]:لدّ: قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.