في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

ولقد سبقتهم أقوام وأحزاب على شاكلتهم ، توحي عاقبتهم بعاقبه كل من يقف في وجه القوة الطاحنة العارمة التي يتعرض لها من يعرض نفسه لبأس الله :

( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه ، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم . فكيف كان عقاب ? ) . .

فهي قصة قديمة من عهد نوح . ومعركة ذات مواقع متشابهة في كل زمان . وهذه الآية تصور هذه القصة . قصة الرسالة والتكذيب والطغيان على مدى القرون والأجيال كما تصور العاقبة في كل حال .

رسول يجيء . فيكذبه طغاة قومه . ولا يقفون عند مقارعة الحجة بالحجة ، إنما هم يلجأون إلى منطق الطغيان الغليظ ، فيهمون أن يبطشوا بالرسول ، ويموهون على الجماهير بالباطل ليغلبوا به الحق . . هنا تتدخل يد القدرة الباطشة ، فتأخذهم أخذاً يعجب ويدهش ، ويستحق التعجيب والاستعراض :

( فكيف كان عقاب ? ) . .

ولقد كان عقاباً مدمراً قاضياً عنيفاً شديداً ، تشهد به مصارع القوم الباقية آثارها ، وتنطق به الأحاديث والروايات .

ولم تنته المعركة . فهي ممتدة الآثار في الآخرة :

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

{ ليدحضوا به الحق } ليزيلوا ويبطلوا به الحق الذي جاءهم به الرسل [ آية 56 الكهف ص 480 ] .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

الأحزاب : جميع الذين تحزبوا ضد رسلهم .

همّت : عزمت على قتلهم .

ليأخذوه : ليقتلوه أو يعذبوه .

ليدحضوا : ليبطلوا .

ثم قال مسلّياً رسوله عن تكذيب مَن كذّبه من قومه بأن له أسوةً في الأنبياء مع أقوامهم من قبله بقوله :

{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحزاب مِن بَعْدِهِمْ }

الأحزابُ كل من تحزَّب ضد الحق وأهله في كل زمان ومكان ، وقصة الرسالة والتكذيب والطغيان طويلة على مدى القرون .

{ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ }

ليقتلوه أو يعذّبوه ، وخاصموا رسولهم بالباطل ليبطلوا به الحق الذي جاء به من عند الله .

{ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ }

فاستأصلتهم فلم أُبْقِ منهم أحدا وكان عقابي لهم شديداً مدمرا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

ثم هدد من جادل بآيات الله ليبطلها ، كما فعل من قبله من الأمم من قوم نوح وعاد والأحزاب من بعدهم ، الذين تحزبوا وتجمعوا على الحق ليبطلوه ، وعلى الباطل لينصروه ، { و } أنه بلغت بهم الحال ، وآل بهم التحزب إلى أنه { هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ } من الأمم { بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ } أي : يقتلوه . وهذا أبلغ ما يكون الرسل الذين هم قادة أهل الخير الذين معهم الحق الصرف الذي لا شك فيه ولا اشتباه ، هموا بقتلهم ، فهل بعد هذا البغي والضلال والشقاء إلا العذاب العظيم الذي لا يخرجون منه ؟ ولهذا قال في عقوبتهم الدنيوية والأخروية : { فَأَخَذْتُهُمْ } أي : بسبب تكذيبهم وتحزبهم { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } كان أشد العقاب وأفظعه ، ما هو إلا صيحة أو حاصب ينزل عليهم أو يأمر الأرض أن تأخذهم ، أو البحر أن يغرقهم فإذا هم خامدون .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

فإن عاقبتهم كعاقبة من قبلهم من الكفار وهو قوله { كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم } أي الذين تحزبوا على أنبيائهم بالمخالفة والعداوة كعاد وثمود { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } أي قصدت كل أمة رسولها ليتمكنوا منه فيقتلوه { وجادلوا } بباطلهم { ليدحضوا } ليدفعوا { به الحق فأخذتهم } فعاقبتهم { فكيف كان عقاب } استفهام تقرير

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

قوله تعالى : " كذبت قبلهم قوم نوح " على تأنيث الجماعة أي كذبت الرسل . " والأحزاب من بعدهم " أي والأمم الذين تحزبوا عل أنبيائهم بالتكذيب نحو عاد وثمود فمن بعدهم . " وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه " أي ليحبسوه ويعذبوه . وقال قتادة والسدي : ليقتلوه . والأخذ يرد بمعنى الإهلاك ، كقوله : " ثم أخذتهم فكيف كان نكير " [ الحج : 44 ] . والعرب تسمي الأسير الأخيذ ؛ لأنه مأسور للقتل ، وأنشد قطرب قول الشاعر :

فإما تأخذوني تقتلوني *** فكم من آخذ يهوى خُلُودِي{[13357]}

وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان : أحدهما عند دعائه لهم . الثاني عند نزول العذاب بهم . " وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق " أي ليزيلوا . ومنه مكان دحض أي مزلقة ، والباطل داحض ؛ لأنه يزلق ويزل فلا يستقر . قال يحيى بن سلام : جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان . " فأخذتهم " أي بالعذاب . " فكيف كان عقاب " أي عاقبة الأمم المكذبة . أي أليس وجدوه حقا .


[13357]:في تفسير السمين: * وكم من واحد يهوى خلودي*.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۖ وَهَمَّتۡ كُلُّ أُمَّةِۭ بِرَسُولِهِمۡ لِيَأۡخُذُوهُۖ وَجَٰدَلُواْ بِٱلۡبَٰطِلِ لِيُدۡحِضُواْ بِهِ ٱلۡحَقَّ فَأَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (5)

{ والأحزاب } يراد بهم عاد وثمود وغيرهم .

{ ليأخذوه } أي : ليقتلوه .

{ ليدحضوا } أي : ليبطلوا به الحق .