سورة التكاثر مكية وآياتها ثمان
هذه السورة ذات إيقاع جليل رهيب عميق وكأنما هي صوت نذير ، قائم على شرف عال . يمد بصوته ويدوي بنبرته . يصيح بنوم غافلين مخمورين سادرين ، أشرفوا على الهاوية وعيونهم مغمضة ، وحسهم مسحور . فهو يمد بصوته إلى أعلى وأبعد ما يبلغ :
( ألهاكم التكاثر . حتى زرتم المقابر ) . .
أيها السادرون المخمورون . أيها اللاهون المتكاثرون بالأموال والأولاد وأعراض الحياة وأنتم مفارقون . أيها المخدوعون بما أنتم فيه عما يليه .
{ ألهاكم التكاثر . . . } الخطابات في آيات هذه السورة عامة ؛ تشمل الكفار وغيرهم . أي شغلكم التباهي والتفاخر بكثرة الأموال والأولاد والعشيرة ، والتهالك على الدنيا عن القيام بما فرض عليكم من الأعمال التي بها سعادتكم في الآخرة ؛ حتى أتاكم الموت ، ودفنتم في القبور ، وأنتم على ذلك ! ! واللهو : ما يشغلك عما يعني ويهم . والمقابر : جمع مقبرة ، بفتح الباء وضمها .
سورة التكاثر مكية وآياتها ثمان ، نزلت بعد سورة الكوثر . وفي هذه السورة الكريمة تنبيه للناس من استغراق جميع أوقاتهم في جمع حطام الدنيا ، وشغل الوقت بالأهل والعيال وجمع المال ، ونسيان ما عليهم من واجبات نحو ربهم وأمتهم ومجتمعهم . وفيها صوت رهيب ينذر الغافلين { ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر } . أيها المشغولون في الدنيا ، اللاّهون بأموالكم وأولادكم ومتاع هذه الحياة . . إنكم سوف تتركون هذا كله ، وتذهبون إلى المقابر لمدة محدودة كأنها زيارة ، ثم تُخرجون يوم الحساب ، وما أدراك ما يوم الحساب ! في ذلك اليوم العصيب ستُعرضون على جهنم ، ثم تُسألنّ عن كل ما عملتم وما تمتعتم به . . فاستيقظوا وتنبّهوا وأجيبوا داعيَ الله حيث يقول :
{ وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ، ولا تنس نصيبك من الدنيا . وأحسن كما أحسن الله إليك . ولا تبغ الفساد في الأرض ، إن الله لا يحب المفسدين } القصص 77 .
ألهاكم : شَغَلكم ، واللهو ما يشغل الإنسان ويُضيع وقته .
التكاثُر : جمع الأموال والتفاخر والتباهي بحطام الدنيا . تكاثَرَ المالُ : كثر ، وتكاثر القومُ : تفاخروا بكثرة العدد والمال .
أيّها الناس ، لقد شَغَلكم الانهماكُ في جَمْعِ الأموالِ ، والتفاخرُ والتّباهي بحُطامِ الدنيا ومتاعها ، وكثرةُ الأَشياع والأولاد .
لما أثبت في القارعة أمر الساعة ، وقسم الناس فيها إلى شقي وسعيد ، وختم بالشقي ، افتتح هذه بعلة الشقاوة ومبدأ الحشر لينزجر السامع عن هذا السبب ، ليكون من القسم الأول ، فقال ما حاصله : انقسمتم ، فكان قسم منكم هالكاً ؛ لأنه { ألهكم } أي أغفلكم - إلا النادر منكم - غفلة عظيمة عن الموت الذي هو وحده كاف في البعث على الزهد ، فكيف بما بعده { التكاثر * } وهو المباهاة والمفاخرة بكثرة الأعراض الفانية من متاع الدنيا : المال والجاه والبنين ونحوها مما هو شاغل عن الله ، فكان ذلك موجباً لصرف الهمة كلها إلى الجمع ، فصرفكم ذلك إلى اللهو ، فأغفلكم عما أمامكم من الآخرة والدين الحق ، وعن ذكر ربكم ، وعن كل ما ينجيكم من سخطه ، أو عن المنافسة في الأعمال الموصلة إلى أعلى الدرجات بكثرة الطاعات ، وذلك كله لأنكم لا تسلمون بما غلب عليكم من الجهل الذي سببه شهوة النفس وحب الراحة فخفت موازينكم ، وحذف هذا الشيء الملهو عنه لتعظيمه والدلالة على أنه ليس غيره مما يؤسف على اللهو عنه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.