الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة التكاثر( {[1]} ) .

مكية( {[2]} ) .

قوله تعالى : { الهياكم التكاثر حتى زرتم المقابر }( {[77302]} ) . إلى آخرها .

أي : ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد ( عن طاعة الله حتى )( {[77303]} ) .

تعاددتم وتفاخرتم بأهل المقابر .

روي أن بني عبد مناف وسهما تكاثروا( {[77304]} ) ( بالأحياء ، فكثر بنو عبد مناف سهما ، ثم تكاثروا ) ( {[77305]} ) بالأموات ، ( فكثرتهم سهم ) ( {[77306]} ) ، فأنزل الله جل ذكره : { الهياكم التكاثر حتى زرتم المقابر } [ أي ]( {[77307]} ) : حتى تعاددتم وتكاثرتم بالموتى( {[77308]} ) .

قال قتادة : كانوا يقولون : ( نحن أكثر من بني فلان ، ونحن أعز( {[77309]} ) من بني فلام ) ( {[77310]} ) . وهو كل يوم يتساقطون أي : يموتون قال : فوالله ما زالوا( {[77311]} ) كذلك حتى صاروا من أهل القبول كلهم( {[77312]} ) . فمعنى { [ حتى ]( {[77313]} ) زرتم المقابر } على هذا )( {[77314]} ) القول : حتى صرتم من أهل المقابر ولم تقدموا عملا صالحا .

فالمعنى اشتغلتم بالدنيا والتكاثر من الأموال فيها حتى متم ولم تقدموا لأنفسكم عملا صالحا .

وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير( {[77315]} ) عن أبيه أنه انتهى إلى النبي وهو يقول : { الهياكم التكاثر حتى زرتم المقابر } : ابن آدم : ليس من مالك إلا ما أكلت فأفنيْت ، أو لبِست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيتَ( {[77316]} ) .

وقال أبي بن كعب : كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن " [ لو أن ] ( {[77317]} ) لابن آدم [ واديين ] ( {[77318]} ) من مال لتمنى ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من يشاء( {[77319]} ) ، حتى نزلت هذه السورة : { الهياكم التكاثر } إلى آخرها( {[77320]} ) .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[77302]:ساقط م أ.
[77303]:بياض في ث.
[77304]:أ: ثم تكاثروا.
[77305]:ساقط من أ.
[77306]:بياض في ث.
[77307]:زيادة من أ.
[77308]:هو قول الكلبي وقتادة في تفسير الماوردي 4/507 وقول ابن عباس أيضا في تفسير القرطبي 20/168.
[77309]:في جامع البيان 30/283: "أعد".
[77310]:ساقط من أ.
[77311]:ث: زلوا.
[77312]:انظر: جامع البيان 30/283، وتفسير القرطبي 20/169.
[77313]:(حتى) ساقط من أ.
[77314]:ما بين قوسين (حتى-هذا) بياض في ث.
[77315]:أ: الشيخين. ث: الشخر. وقد مضت ترجمة مطرف. وأما أبوه فهو عبد الله بن الشغير بن عرف العامري، صحابي جليل، روى عنه ابناه: مطرف ويزيد. وانظر: تاريخ الثقات للعجلي 271 وتهذيب الأسماء.
[77316]:أخرجه مسلم في كتاب الزهد 'شرح النووي على مسلم 18/94) وفي النهاية لابن الأثير: 4/239: "... فأمضيت، أي أنفذت فيه عطاءك، ولم تتوقف فيه".
[77317]:م: لولا أ،.
[77318]:ث، م، وادين
[77319]:كذا في ث، م. وكتب الناسخ في متن أ: من يشاء وفي الهامش: من تاب، ولم أجده في رواية من الروايات إلا بلفظ "ويتوب الله على من تاب".
[77320]:ساقط من ث، والحديث أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب ما يتقة من فتنة المال ح: 6440، وهذا الحديث له شواهد في الصحيح، وفي ألفاظه اختلاف. انظر: تفصيل ذلك في شرح النووي على مسلم 7/138 وما بعدها، والفتح 11/253 وما بعدها.