البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكاثر

هذه السورة مكية في قول جميع المفسرين . وقال البخاري : مدنية . ومناسبتها لما قبلها ظاهرة . وسبب نزولها أنه فيما روى الكلبي ومقاتل : كان بين بني سهم وبين بني عبد مناف لحاء ، فتعادّوا الأشراف الأحياء أيهم أكثر ، فكثرهم بنو عبد مناف . ثم تعادوا الأموات ، فكثرهم بنو سهم لأنهم كانوا أكثر عدداً في الجاهلية . وقال قتادة : نزلت في اليهود ، قالوا : نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من بني فلان . وقال ابن زيد : نزلت في بطن من الأنصار .

{ ألهاكم } : شغلكم ، فعلى ما روى الكلبي ومقاتل يكون المعنى : أنكم تكاثرتم بالأحياء حتى استوعبتم عددهم ، صرتم إلى المقابر فتكاثرتم بالأموات .

عبر عن بلوغهم ذكر الموتى بزيارة المقابر تهكماً بهم ،

وقرأ الجمهور : ألهاكم على الخبر ؛ وابن عباس وعائشة ومعاية وأبو عمران الجوني وأبو صالح ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة : بالمد على الاستفهام ، وقد روي كذلك عن الكلبي ويعقوب ، وعن أبي بكر الصديق وابن عباس أيضاً والشعبي وأبي العالية وابن أبي عبلة والكسائي في رواية : أألهاكم بهمزتين ، ومعنى الاستفهام : التوبيخ والتقرير على قبح فعلهم ؛ وهذا معنى ينبو عنه لفظ زرتم .