فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التكاثر

هي ثمان آيات وهي مكية عند الجميع . وروى البخاري أنها مدنية . وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة { ألهاكم التكاثر } . وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم ؟ قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية في كل يوم ؟ قال : أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر " . وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ في ليلة ألف آية لقي الله وهو ضاحك في وجهه ، قيل يا رسول الله ومن يقوى على ألف آية ؟ فقرأ بسم الله الرحمان الرحيم ألهاكم التكاثر إلى آخرها ، ثم قال : والذي نفسي بيده إنها لتعدل ألف آية " . وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن عبد الله بن الشخير قال " انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر ، وفي لفظ : وقد أنزلت عليه ألهاكم التكاثر ، وهو يقول : ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت " . وأخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة ولم يذكر فيه قراءة هذه السورة ولا نزولها بلفظ : " يقول العبد مالي مالي ، وإنما له من ماله ثلاثة : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو تصدق فأقنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " . وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في الشعب وضعفه عن جرير بن عبد الله قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني قارئ عليكم سورة ألهاكم التكاثر ، فمن بكى فله الجنة " ، فقرأها فمنا من بكى ومنا من لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا : قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي فلم نقدر عليه ، فقال : " إني قارئها عليكم الثانية فمن بكى فله الجنة ، ومن لم يقدر أن يبكي فليتباكى " .

قوله : { ألهاكم التكاثر } أي شغلكم التكاثر بالأموال والأولاد ، والتفاخر بكثرتها ، والتغالب فيها . يقال : ألهاه عن كذا ، وألهاه : إذا شغله ، ومنه قول امرئ القيس :

فألهيتها عن ذي تمائم محول *** . . .

وقال الحسن : معنى ألهاكم : أنساكم .

/خ8