سورة التكاثر{[1]}
بسم الله الرحمان الرحيم /652 أ/
الآيتان 1و2 : قوله تعالى : { ألهاكم التكاثر } { حتى زرتم المقابر } { أي شغلكم التفاخر بالتكاثر . ثم لم يقل عمّاذا شغلهم . فيجوز أن يكون { ألهاكم } أي شغلكم { التكاثر } عن توحيد الله تعالى ، أو عن التفكر في حجج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو عن ذكر البعث .
ثم قوله تعالى : { ألهاكم التكاثر } { حتى زرتم المقابر } يحتمل تأويلين :
أحدهما : أن يكون الغرض ( من الخطاب ){[24004]} بهذه الآية آباءهم وسلفهم الذين تقدموا بالأخبار عن قبح صنيعهم ، واشتغالهم بالسفه ، فيكون هذا صلة آيات أخر نحو قوله تعالى : { إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم ( مهتدون ) } وقوله : { مقتدون }{[24005]} ( الزخرف : 22و23 ) وغير ذلك ، فكأن الله تعالى يخبرهم بآبائهم ، وينهاهم عن الاقتداء بآبائهم ؛ لأنهم تعاطوا أفعالا تخرج عن الحكمة حتى ماتوا . وذلك يقع من وجهين .
أحدهما : أن من أنعم الله عليه نعمة فجحدها ، ولم يؤد شكرها ، استوجب المقت والعقوبة ، يقول : كيف تقتدون بآبائكم ، وإنهم كفروا بنعمة الله ، وجحدوا بها ؛ بل الواجب عليكم أن تتبعوا { النبي الذي ){[24006]}جاء هدى ، ( لا ما ){[24007]} وجدتم عليه آبائكم .
والثاني : أن يكون فيه علامة ( دلالة البعث ){[24008]} أن آبائهم لما فعلوا ما يستوجب به المقت والعقوبة ، وماتوا من غير أن يصيبهم ذلك في دنياهم ، وأن{[24009]} لهم دارا أخرى يعاقبون فيها بما فعلوا .
وإن كان الخطاب إذا انصرف ( إليهم ){[24010]} ففيه إخبارهم عن سفههم أنه شغلهم التفاخر بالتكاثر حتى جحدوا آيات رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو أن يكون فيه إخبار عن سفههم من وجه آخر ، وهو أن الافتخار كيف وقع بالأموات ، والتفاخر بالأموات غير مستقيم ، أو أن يكون فيه وجه ثالث : إنما تفاخروا بما لا صنع لهم فيه ؛ ( لأنهم ){[24011]} إنما افتخروا بالأموال والأولاد ، وذلك من لطف الله تعالى وجميل صنعه ، فيكون في هذا كله ذكر لهم بما هم{[24012]} فيه من السفه والخرف .
ثم التعبير بذكر هذه الأسباب إنما وقع ، والله أعلم ، دون ما هم فيه من الكفر ؛ لأن هذه الأسباب مما يبتلى به المؤمن في بعض الأحوال ، فعيرهم الله تعالى بذلك ليكون فيه تذكرة وموعظة للمؤمنين .
لو خرج ذكر الكفار من{[24013]}هذا لكان لا يجتنب المؤمن شيئا{[24014]}من هذه الأفعال .
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : { ألهاكم التكاثر } فقال : " يقول ابن آدم : مالي مالي ، ومالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت " {[24015]} ( مسلم 2958 ) .
فهذا على أن الوعيد على الإطلاق من غير تصريح بأهل الكفر لموعظة المسلمين ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.