في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5)

" ومن شر حاسد إذا حسد " . .

والحسد انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمني زوالها . وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي ، فإن شرا يمكن أن يعقب هذا الانفعال .

ونحن مضطرون أن نطامن من حدة النفي لما لا نعرف من أسرار هذا الوجود ، وأسرار النفس البشرية ، وأسرار هذا الجهاز الإنساني . فهنالك وقائع كثيرة تصدر عن هذه الأسرار ، ولا نملك لها حتى اليوم تعليلا . . هنالك مثلا ذلك التخاطر على البعد . وفيه تتم اتصالات بين أشخاص متباعدين . اتصالات لا سبيل إلى الشك في وقوعها بعد تواتر الأخبار بها وقيام التجارب الكثيرة المثبتة لها . ولا سبيل كذلك لتعليلها بما بين أيدينا من معلومات . وكذلك التنويم المغناطيسي . وقد أصبح الآن موضعا للتجربة المتكررة المثبتة . وهو مجهول السر والكيفية . . وغير التخاطر والتنويم كثير من أسرار الوجود وأسرار النفس وأسرار هذا الجهاز الإنساني . . .

فإذا حسد الحاسد ، ووجه انفعالا نفسيا معينا إلى المحسود فلا سبيل لنفي أثر هذا التوجيه لمجرد أن ما لدينا من العلم وأدوات الاختبار ، لا تصل إلى سر هذا الأثر وكيفيته . فنحن لا ندري إلا القليل في هذا الميدان . وهذا القليل يكشف لنا عنه مصادفة في الغالب ، ثم يستقر كحقيقة واقعة بعد ذلك !

فهنا شر يستعاذ منه بالله ، ويستجار منه بحماه

والله برحمته وفضله هو الذي يوجه رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأمته من ورائه إلى الاستعاذة به من هذه الشرور . ومن المقطوع به أنهم متى استعاذوا به - وفق توجيهه - أعاذهم . وحماهم من هذه الشرور إجمالا وتفصيلا .

وقد روى البخاري - بإسناده - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، وقرأ فيهما ، " قل هو الله أحد " . . و " قل : أعوذ برب الفلق " . . و " قل : أعوذ برب الناس " . . ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات . . وهكذا رواه أصحاب السنن . . .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5)

{ ومن شر حاسد إذا حسد } أي إذا أظهر ما في نفسه من الحسد ؛ بترتيب مقدمات الشر ، ومبادئ الإضرار بالمحسود قولا أو فعلا .

والحسد : حقيقة واقعة ، وأثره لا شك فيه . وأصله : انفعال نفس الحاسد عند رؤية نعمة على المحسود انفعالا شريرا يدفعه إلى مباشرة أسباب المضرة ، سواء أكان ذلك في حضور المحسود أم في غيبته .

وذكر العلامة الآلوسي : أن الحاسد إذا وجه نفسه الخبيثة نحو المحسود على وجه الغضب تتكيف بكيفية خبيثة ، ربما تؤثر في المحسود بحسب ضعفه ، وقوة نفس الحاسد ، وقد تصل إلى حد الإهلاك .

والحسد من الكبائر ، وهو أول ذنب عصي الله به في السماء . وأول ذنب عصي به في الأرض ؛ فحسد إبليس آدم ، وحسد قابيل هابيل .

وفي الحديث الصحيح : " لا تحاسدوا " .

والنهي عنه نهي عن مباشرة أسبابه ومباديه ، ومتابعة النفس وطواعيتها فيه ، وتوجيهها إليه وإلى المحسود . وقانا الله شره .

والله أعلم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5)

الحاسد : الذي يتمنى زوالَ النعمة عن الغير .

ونعوذُ بالله تعالى من شرِّ الحاسدِ الذي يتمنَّى زوالَ النعمة عن غيره ، والحسدُ خلُق مذموم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحسدُ يأكل الحسناتِ كما تأكل النارُ الحطب " .

والحسد أول معصية عُصِيَ اللهُ بها في السماء وفي الأرض ، فَحَسَدَ إبليسُ آدمَ ، وحسد قابيلُ أخاه هابيل فقتَله .

والحاسد يضرّ نفسَه ثلاث مضرّات :

إحداها اكتسابُ الذنوب ؛ لأن الحسدَ حرام .

الثانية : سوءُ الأدبِ مع الله تعالى ، فإن حقيقةَ الحسد كراهيةُ إِنعام الله على عبده ، واعتراضٌ على الله .

الثالثة : تألُّم قلبِ الحاسِد من كثرةِ همِّه وغمِّه .

كلُّ العداوة قد تُرجَى إزالتها*** إلا عداوةُ من عاداكَ من حسَد

ختام السورة:

وخلاصة معنى السورة الكريمة : أن الله تعالى طلبَ من الرسول الكريم أن يلجأَ إلى ربّه ، ويعتصمَ به من شرِّ كل مؤذٍ من مخلوقاته ، ومن شرِّ الليل إذا أظلمَ لما يصيب النفوسَ فيه من الوحشة ، ولما يتعذَّر من دَفع ضرره ، ومن شرِّ المفسِدات الساعيات في حَلِّ ما بينَ الناسِ من روابطَ وصِلات ، ومن شرِّ الحاسدين الذين يتمنّون زوالَ ما أسبغَ الله على عباده من النعم .

اللهم اجعلْنا من المحسُودين لا من الحاسِدين .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5)

{ ومن شر حاسد إذا حسد } يعني لبيدا الذي سحره عليه السلام .