مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5)

{ وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } أي إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه ؛ لأنه إذا لم يظهر فلا ضرر يعود منه على حسده ؛ بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره ، وهو الأسف على الخير عند الغير .

والاستعاذة من شر هذه الأشياء بعد الاستعاذة من شر ما خلق إشعار بأن شر هؤلاء أشد ، وختم بالحسد ليعلم أنه شرها ، وهو أول ذنب عصي الله به في السماء من إبليس ، وفي الأرض من قابيل .

وإنما عرف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه ؛ لأن كل نفاثة شريرة ، فلذا عرفت { النفاثات } ، ونكر { غَاسِقٍ } ؛ لأن كل غاسق لا يكون فيه الشر ، إنما يكون في بعض دون بعض ، وكذلك كل حاسد لا يضر ، ورب حسد يكون محموداً كالحسد في الخيرات ، والله أعلم .