قوله : { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } ، الحسدُ : هو تمني زوال نعمة المحسود ، وإن لم يصر للحاسد مثلها ، والمنافسة : هي تمنّي مثلها وإن لم تزل من المحسود ، وهي الغبطة ، فالحسد : شر مذموم ، والمنافسة مباحة .
قال صلى الله عليه وسلم : «المؤمن يغبط والمنافق يحسد » ، وقال : «لا حَسَدَ إلاَّ في اثنتينِ »{[61164]} يريد الغبطة .
قال ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهما - : لما كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قربت إليه اليهود ، فلم يزالوا حتى أخذوا مشاطة من أثر النبي صلى الله عليه وسلم وعدة من أسنان مشطه ، فأعطاه اليهود ؛ ليسحروه بها صلى الله عليه وسلم ، وتولى ذلك ابن الأعصم ، رجل من اليهود{[61165]} .
فصل في أن الله خلق الخير والشر
هذه السورة دالة على أن الله خلق كل شر ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من جميع الشرور ، فقال - عز وجل - : { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } ، وذلك خاتمة ذلك الحسد تنبيهاً على عظمته ، وكثرة ضرره ، والحاسد عدو نعمة الله تعالى .
قال بعض الحكماء : الحاسد بارز ربَّه من خمسة أوجه :
أحدها : أنه أبغض كل نعمة ظهرت على غيره .
وثانيها : أنه ساخط لقسمة ربه ، كأنه يقول : لم قسمت إلي هذه القسمة .
وثالثها : أنه ضاد الله ، أي : أن فضل الله يؤتيه من يشاء ، وهو يبخل بفضل الله .
ورابعها : أنه خذل أولياء الله ، أو يريد خذلانهم ، وزوال النعمة عنهم .
وخامسها : أنه أعان عدوه إبليس .
وقيل : الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة ، ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاء ، ولا ينال في الخلوة إلا جزعاً وغمًّا ، ولا ينال في الآخرة إلا حزناً واحتراقاً ، ولا ينال من الله إلا بعداً ومقتاً .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ثلاثةٌ لا يُسْتَجَابُ دعاؤهُم : آكلُ الحرامِ ، ومُكثرُ الغِيبةِ ، ومنْ كانَ في قلبِهِ غلٌّ أو حسدٌ للمسلمين»{[61166]} .
روى [ الثعلبي عن أبيّ ]{[1]} - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها الله تعالى كلها » .
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ألا أخْبرُكَ بأفضل ما تعوَّذ بهِ المتعوِّذُونَ » ؟ قلت : بلى يا رسُول اللهِ ، قال : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق } و { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس }{[2]} والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.