في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (9)

وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً . فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) . .

إن أيديهم مشدودة بالأغلال إلى أعناقهم ، موضوعة تحت أذقانهم . ومن ثم فإن رؤوسهم مرفوعة قسراً ، لا يملكون أن ينظروا بها إلى الأمام ! ومن ثم فهم لا يملكون حرية النظر والرؤية وهم في هذا المشهد العنيف ! وهم إلى هذا محال بينهم وبين الحق والهدى بسد من أمامهم وسد من خلفهم ؛ فلو أرخي الشد فنظروا لم تنفذ أبصارهم كذلك من هذه السدود ! وقد سدت عليهم سبيل الرؤية وأغشيت أبصارهم بالكلال !

ومع عنف هذا المشهد الحسي وشدته فإن الإنسان ليلتقي بأناس من هذا النوع ، يخيل إليه وهم لا يرون الحق الواضح ولا يدركونه أن هنالك حائلاً عنيفاً كهذا بينهم وبينه . وأنه إذا لم تكن هذه الأغلال في الأيدي ، وإذا لم تكن الرؤوس مقمحة ومجبرة على الارتفاع ، فإن نفوسهم وبصائرهم كذلك . مشدودة عن الهدى قسراً وملفوتة عن الحق لفتاً . وبينها وبين دلائل الهدى سد من هنا وسد من هناك . وكذلك كان أولئك الذين واجهوا هذا القرآن بمثل ذلك الإنكار والجحود . وهو يصدع بالحجة ، ويدلي بالبرهان . وهو بذاته حجة ذات سلطان لا يتماسك لها إنسان .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ سَدّٗا وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ سَدّٗا فَأَغۡشَيۡنَٰهُمۡ فَهُمۡ لَا يُبۡصِرُونَ} (9)

{ وجعلنا من بين أيديهم سدا } عظيما . والسد : الحاجز بين الشيئين{ ومن خلفهم سدا فأغشيناهم } جعلنا على أبصارهم غشاوة ؛ أي غطاء{ فهم لا يبصرون } لا يقدرون على إبصار شيء بسبب ذلك وهو تمثيل آخر لحال هؤلاء – في حبسهم في حظيرة الجهالات ، ومنعهم عن النظر في الدلائل والآيات ؛ لسوء اختيارهم وفساد استعدادهم – بحال من أحاطت بهم سدود فحجبتهم عن الإبصار .