في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

( والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) . .

وذلك عكس النصر وتثبيت الأقدام . فالدعاء بالتعس قضاء من الله سبحانه بالتعاسة والخيبة والخذلان وإضلال الأعمال ضياع بعد ذلك وفناء . .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"وَالّذِينَ كَفَرُوا" بالله، فجحدوا توحيده "فَتَعْسا لَهُمْ "يقول: فخزيا لهم وشقاء وبلاء...

وقوله: "وأضَلّ أعمالَهُمْ" يقول وجعل أعمالهم معمولة على غير هدى ولا استقامة، لأنها عملت في طاعة الشيطان، لا في طاعة الرحمن...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي هلاكا لهم، أي محنة عند الهزيمة والقتل. وجائز أن يكون أُريد به الهلاك. وأصل التّعس العَثْرُ والسقوط، وهو الهلاك، فيرجع إلى ما ذكرنا، والله أعلم...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

وأصل التعس في النّاس الدواب، وهو أن يقال للعاثر: تعساً، إذا لم يريدوا قيامه، ويقال: أتعسه الله، فتعس وهو متعس، وضدّه لعاء إذا أرادوا قيامه...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

تعساً لهم: لعناً وطرداً، وقَمْعاً وبُعداً!...

{أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}: هَتَكَ أستارَهم، وأَظْهَرَ للمؤمنين أسرارَهم، وأَخْمَدَ نارَهم...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لكم الثبات ولهم الزوال والتغير والهلاك فلا يكون الثبات، وسببه ظاهر لأن آلهتهم جمادات لا قدرة لها ولا ثبات عند من له قدرة، فهي غير صالحة لدفع ما قدره الله تعالى عليهم من الدمار، وعند هذا لا بد عن زوال القدم والعثار، وقال في حق المؤمنين {ويثبت} بصيغة الوعد لأن الله تعالى لا يجب عليه شيء، وقال في حقهم بصيغة الدعاء، وهي أبلغ من صيغة الإخبار من الله لأن عثارهم واجب لأن عدم النصرة من آلهتهم واجب الوقوع إذ لا قدرة لها والتثبيت من الله ليس بواجب الوقوع، لأنه قادر مختار يفعل ما يشاء. وقوله {وأضل أعمالهم} إشارة إلى بيان مخالفة موتاهم لقتلى المسلمين، حيث قال في حق قتلاهم {فلن يضل أعمالهم} وقال في موتى الكافرين {وأضل أعمالهم}.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والذين كفروا} أي ستروا ما دل عليه العقل وقادت إليه الفطر الأولى، وبين أن سوء أعمالهم أسباب وبالهم بالفاء. فقال مؤكداً بجعل الخبر مفعولاً مطلقاً لأجل استبعادهم بما لهم من القوة بكثرة العدد والملاءة بالعدد: {فتعساً} أي فقد عثروا فيقال لهم ما يقال للعاثر الذي يراد أنه لا يقوم: تعساً لا قيام معه، كما يقال لمن عثر وأريد قيامه: تعساً لك-، والمراد بالتعس الانحطاط والسفول والهوان والقلق. ولما كان كأنه قيل: لمن هذا؟ قيل: {لهم} فلا يكادون يثبتون في قتال لمن صلحت من الأعمال. ولما كان الإنسان قد يعثر ويقع ويقال له: تعساً، ويقوم بعد ذلك، ولا يبطل عمله، بين أن قوله ليس كذلك، بل مهما قاله كان لا يتخلف أصلاً، فقال معبراً بالماضي إشارة إلى التحتم فيه، وأما الاستقبال فربما تاب على بعضهم فيه عاطفاً على ما تقديره فقال تعالى لهم ذلك: {وأضل أعمالهم} وإن كانت ظاهرة الإيقان لأجل تضييع الأساس بالإيمان.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وذلك عكس النصر وتثبيت الأقدام. فالدعاء بالتعس قضاء من الله سبحانه بالتعاسة والخيبة والخذلان وإضلال الأعمال ضياع بعد ذلك وفناء...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتعْس: الشقاء ويطلق على عدة معان: الهلاك، والخيبة، والانحطاط، والسقوط، وهي معان تحوم حول الشقاء، وقد كثر أن يقال: تعسا له، للعاثر البغيض، أي سقوطاً وخروراً لا نهوض منه...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَالَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ} فهم غارقون في وحول التعاسة التي تثقل أرواحهم، وضائعون في متاهات الخيبة والخذلان والخسران التي تضيع فيها مواقفهم، وأية تعاسةٍ أشد من أن يتطلع الإنسان إلى مستقبله، فلا يرى إلا الفراغ القاتل والضياع الهائل، وينظر إلى مصيره، فلا يبصر إلا النار، ويلتفت في الأعالي، فلا يجد إلا غضب الله وسخطه والدعاء عليه بالتعاسة المطلقة في كل شيء...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

(والذين كفروا فتعساً لهم وأضلّ أعمالهم). «تعس» على وزن نحس بمعنى الانزلاق والهوي، وما فسّره البعض بأنّه الهلاك والانحطاط، فهو لازمه في الواقع لا معناه. وعلى كلّ حال، فإنّ المقارنة بين هذين الفريقين عميقة المعنى جدّاً، فالقرآن يقول في شأن المؤمنين (يثبّت أقدامهم) وفي شأن الكافرين (أضلّ أعمالهم) وبصيغة اللعنة، ليكون التعبير أبلغ وأكثر جاذبية وتأثيراً. نعم، إنّ الكافرين إذا انزلقوا وزلّت أقدامهم، فليس هناك من يأخذ بأيديهم لينقذهم من الهلكة، بل إنّهم سينحدرون إلى الهاوية سريعاً وبسهولة، أمّا المؤمنون، فإنّ ملائكة الرحمة تهب لنجدتهم ونصرتهم، ويحفظونهم من المنزلقات والمنحدرات، كما نقرأ ذلك في موضع آخر، حيث تقول الآية (30) من سورة فصلت: (إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا تتنزل عليهم الملائكة). إنّ أعمال المؤمنين مباركة، أمّا أعمال الكافرين فإنّها بائرة ولذلك فهي تزول وتفنى سريعاً...

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

قوله تعالى : " والذين كفروا فتعسا لهم " يحتمل ، الرفع على الابتداء ، والنصب بما يفسره " فتعسا لهم " كأنه قال : أتعس الذين كفروا . و " تعسا لهم " نصب على المصدر بسبيل الدعاء ، قاله الفراء ، مثل سقيا له ورعيا . وهو نقيض لعا{[13916]} له . قال الأعشى :

فالتَّعْسُ أولى لها من أن أقول لَعَا{[13917]}

وفيه عشرة أقوال : الأول : بعدا لهم ، قاله ابن عباس وابن جريج . الثاني : حزنا لهم ، قاله السدي . الثالث : شقاء لهم ، قاله ابن زيد . الرابع : شتما لهم من الله ، قاله الحسن . الخامس : هلاكا لهم ، قاله ثعلب . السادس : خيبة لهم ، قاله الضحاك وابن زيد . السابع : قبحا لهم ، حكاه النقاش . الثامن : رغما لهم ، قاله الضحاك أيضا . التاسع : شرا لهم ، قاله ثعلب أيضا . العاشر : شقوة لهم ، قاله أبو العالية . وقيل : إن التعس الانحطاط والعثار . قال ابن السكيت : التعس أن يخر على وجهه . والنكس أن يخر على رأسه . قال : والتعس أيضا الهلاك . قال الجوهري : وأصله الكب ، وهو ضد الانتعاش . وقد تعس ( بفتح العين ) يتعس تعسا ، وأتعسه الله . قال مجمع بن هلال :

تقول وقد أفردتُهَا من خَلِيلِها *** تعستَ كما أتعستَنِي يا مُجَمِّعُ

يقال : تعسا لفلان ، أي ألزمه الله هلاكا . قال القشيري : وجوز قوم تعس ( بكسر العين ) .

قلت : ومنه حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة{[13918]} إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض " خرجه البخاري . في بعض طرق هذا الحديث " تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش " {[13919]} خرجه ابن ماجه .

قوله تعالى : " وأضل أعمالهم " أي أبطلها لأنها كانت في طاعة الشيطان . ودخلت الفاء في قوله : " فتعسا " لأجل الإبهام الذي في " الذين " ، وجاء " وأضل أعمالهم " على الخبر حملا على لفظ الذين ، لأنه خبر في اللفظ ، فدخول الفاء حملا على المعنى ، " وأضل " حملا على اللفظ .


[13916]:لعا: كلمة يدعى بها للعاثر معناها الارتفاع.
[13917]:في اللسان وكتاب الأعشين:" أدنى" بدل " أولى". وصدره: * بذات لوث عفرناة إذا عثرت* واللوث (بالفتح):" القوّة ". وعفرناة: قرية.
[13918]:القطيفة: دثار. والخميصة: كساء أسود مربع له أعلام وخطوط.
[13919]:قوله " شيك" أي أصابته شوكة. و "فلا انتقش" أي فلا خرجت شوكته بالمنقاش.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

{ فتعسا لهم } أي : عثارا وهلاكا وانتصابه على المصدرية والعامل فيه فعل مضمر وعلى هذا الفعل عطف وأضل أعمالهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

ولما ذكر أهل الإيمان{[59420]} ، بين ما لأهل الكفران ، فقال سبحانه : { والذين كفروا } أي ستروا ما دل عليه العقل وقادت إليه الفطر الأولى ، وبين أن سوء أعمالهم أسباب وبالهم بالفاء . فقال مؤكداً بجعل الخبر مفعولاً مطلقاً {[59421]}لأجل استبعادهم{[59422]} بما لهم من القوة بكثرة العدد والملاءة{[59423]} بالعدد : { فتعساً } أي فقد عثروا{[59424]} فيقال لهم ما يقال للعاثر الذي يراد{[59425]} أنه لا يقوم : تعساً لا قيام معه ، كما يقال لمن عثر وأريد قيامه : تعساً لك-{[59426]} ، والمراد بالتعس الانحطاط والسفول والهوان والقلق .

ولما كان كأنه قيل : لمن هذا ؟ قيل{[59427]} : { لهم } فلا يكادون يثبتون في قتال لمن صلحت{[59428]} من الأعمال .

ولما كان الإنسان قد يعثر ويقع ويقال له : تعساً ، ويقوم بعد ذلك ، ولا يبطل عمله{[59429]} ، بين أن قوله ليس كذلك ، بل مهما قاله كان لا يتخلف أصلاً ، فقال معبراً بالماضي إشارة إلى التحتم فيه ، وأما الاستقبال فربما تاب{[59430]} على بعضهم{[59431]} فيه عاطفاً على ما تقديره فقال تعالى لهم ذلك : { وأضل أعمالهم * } وإن كانت ظاهرة الإيقان لأجل تضييع الأساس بالإيمان .


[59420]:زيدت الواو في الأصل و ظ و م، ولم تكن في مد فحذفناها.
[59421]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لاستبعادهم للخذان.
[59422]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لاستبعادهم للخذان.
[59423]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الماة.
[59424]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: غروا.
[59425]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يروا-كذا.
[59426]:زيد من م ومد.
[59427]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فقيل.
[59428]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: ضلت.
[59429]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: علمه.
[59430]:زيد في الأصل و ظ: بعضهم، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59431]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بعض.