قوله : { والذين كَفَرُواْ } يجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فَتَعِسُوا وأُتْعِسُوا ، بدليل قوله : { فَتَعْساً لَّهُمْ } وقوله : «فتعساً » منصوب بالخبر . ودخلت الفاء تشبيهاً للمبتدأ بالشرط{[51257]} . وقدر الزمخشري الفعل الناصب ل «تعساً » فقال : لأن{[51258]} المعنى يقال{[51259]} تعساً أي{[51260]} فقَضَى تَعْساً لَهُمْ{[51261]} . قال أبو حيان : وإضمار ما هو من لفظِ المصدر أولى . والثاني : أنه منصوب بفعل مقدر يفسره «فَتَعْساً لَهُمْ » ، كما تقول : زَيْدٌ جَدَعاً لَهُ{[51262]} . كذا قال أبو حيان{[51263]} تابعاً للزمخشري{[51264]} . وهذا لا يجوز لأن «لهم » لا يتعلق ب «تَعْساً » ، إنما هو متعلق بمحذوف لأنه بيان أي أعني عنهم{[51265]} . وتقدم تحقيق هذا . فإن عيَّنا{[51266]} إضماراً من حيثُ مُطْلَقُ الدَّلالة لا من جهة الاشتغال فمُسَلَّم ، ولكن تأباه عبارتُهُما وهي قولهما : منصوب بفعل مضمر يفسره «فتعساً لهم »{[51267]} . و«أَضَلَّ : عاطف على ذلك الفعل المقدر أي أتْعَسَهُمْ وأَضَلَّ أعمالهم{[51268]} والتَّعْسُ ضدّ السَّعْدِ ، يقال : تَعَسَ الرَّجُل بالفتح تَعْساً ، وأَتْعَسَهُ اللهُ ، قال مُجَمَّعٌ :
4465 تَقُولُ وَقَدْ أَفردْتُهَا عَنْ خَليلِهَا *** تَعَسْتَ كَمَا أَتْعَسْتَنِي يَا مُجَمَّعُ{[51269]}
وقيل : تعس بالكسر عن أبي الهَيْثَم{[51270]} وشَمِرٍ{[51271]} وغيرهما . وعن أبي عبيدة : تَعسهُ واتْعَسَهُ مُتَعَدِّيَانِ{[51272]} ، فهُما مَّما اتُّفِقَ فِيهِما فَعَلَ وأَفْعَلَ .
وقيل : التعس ضد الانتعاش ، قال الزمخشري ( رحمه الله تعالى ){[51273]} : وتعساً له نقيض لَعَا لَهُ{[51274]} يعني أن كلمة «لَعَا » بمعنى{[51275]} انْتَعَشَ قال الأعشى :
4466 بِذَاتِ لَوْث عَفْرَنَاةٍ إذَا عَثَرَتْ *** فَالتَّعْسُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ لعَا{[51276]}
وقيل : التعْسُ الهَلاَك . وقيل التعس الجَرُّ{[51277]} على الوجه ، والنّكْسُ الجر على الرأس{[51278]} .
قال ابن عباس : صَمْتاً لهم ، أي بُعْداً لهم . وقال أبو العالية : سُقْطاً لهم . وقال ابن زيد : شقاءً لهم{[51279]} وقال الفراء : هو نصب على المصدر على سبيل الدعاء{[51280]} . وقيل : في الدنيا العَثْرَةُ ، وفي الآخرة التَّردَّي في النار . ويقال للعاثر : تَعْساً إذا لم يريدوا قيامه وضده لمَا إذا أرادوا قيامه . وأضل أعمالهم ؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان ، وهذا زِيَادَةٌ في تقوية قُلُوبِهِمْ ؛ لأنه تعالى قال : لَكُم الثباتُ ولهم الزوالُ والتَّعَثُّر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.