مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

قوله تعالى : { والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم } .

هذا زيادة في تقوية قلوبهم ، لأنه تعالى لما قال : { ويثبت أقدامكم } جاز أن يتوهم أن الكافر أيضا يصير ويثبت للقتال فيدوم القتال والحراب والطعان والضراب ، وفيه المشقة العظيمة فقال تعالى : لكم الثبات ولهم الزوال والتغير والهلاك فلا يكون الثبات ، وسببه ظاهر لأن آلهتهم جمادات لا قدرة لها ولا ثبات عند من له قدرة ، فهي غير صالحة لدفع ما قدره الله تعالى عليهم من الدمار ، وعند هذا لا بد عن زوال القدم والعثار ، وقال في حق المؤمنين { ويثبت } بصيغة الوعد لأن الله تعالى لا يجب عليه شيء ، وقال في حقهم بصيغة الدعاء ، وهي أبلغ من صيغة الإخبار من الله لأن عثارهم واجب لأن عدم النصرة من آلهتهم واجب الوقوع إذ لا قدرة لها والتثبيت من الله ليس بواجب الوقوع ، لأنه قادر مختار يفعل ما يشاء .

وقوله { وأضل أعمالهم } إشارة إلى بيان مخالفة موتاهم لقتلى المسلمين ، حيث قال في حق قتلاهم { فلن يضل أعمالهم } وقال في موتى الكافرين { وأضل أعمالهم } .