في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فأما اليمين التي يوحي النص بأن الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] قد حلفها ، فقد فرض الله تحلتها . أي كفارتها التي يحل منها . ما دامت في غير معروف والعدول عنها أولى .

( والله مولاكم ) . . فهو يعينكم على ضعفكم وعلى ما يشق عليكم . ومن ثم فرض تحلة الأيمان ، للخروج من العنت والمشقة . . ( وهو العليم الحكيم ) . يشرع لكم عن علم وعن حكمة ، ويأمركم بما يناسب طاقتكم وما يصلح لكم . فلا تحرموا إلا ما حرم ، ولا تحلوا غير ما أحل . وهو تعقيب يناسب ما قبله من توجيه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

فرض : شرع ، وبين لكم .

تحلَّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة .

ثم بيّن له أنّه يمكن أن يكفّر عن يمينه بقوله : { قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } بالكفّارة عنها . وقد رُوي أنه عليه الصلاةُ والسلام كفّر عن يمينه فأعتق رقبة . { والله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ العليم الحكيم }

واللهُ متولِّي أمورِكم وناصرُكم ، وهو العليم ما يُصلحكم فيشرّعه لكم ، والحكيمُ في تدبيرِ أموركم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

ثم علل أو{[66334]} بين بقوله : { قد فرض الله } أي قدر ذو الجلال والإكرام الذي لا شريك له ولا أمر لأحد معه ، وعبر بالفرض حثاً على قبول الرخصة إشارة إلى أن{[66335]} ذلك لا يقدح في الورع ولا يخل بحرمة اسم الله لأن أهل الهمم العوالي لا يحبون النقلة من عزيمة إلى رخصة بل من رخصة إلى عزيمة ، أو عزيمة إلى مثلها .

ولما كان التخفيف على {[66336]}هذه الأمة{[66337]} {[66338]}إنما هو كرماً منه{[66339]} وتعظيماً {[66340]}لهذا النبي{[66341]} صلى الله عليه وسلم قال : { لكم } أي{[66342]} أيتها الأمة التي أنت رأسها ، وعبر بمصدر حلل المزيد مثل كرمه وتكرمه إظهاراً لمزيد الغاية فقال : { تحلة } أي تحللة { أيمانكم } أي شيئاً يحللكم مما أوثقتم به أنفسكم منها تارة بالاستثناء وتارة بالكفارة تحليلاً عظيماً بحيث يعيد الحال إلى ما كان عليه قبل اليمين ، وقد بين ذلك في سورة المائدة فحلل يمينك واخرج من تضييقك على نفسك واشرح من صدرك لتتلقى ما يأتيك من أنباء الله تعالى وأنت متفرغ{[66343]} له بطيب النفس وقرة العين ، وهذا يدل على أن قوله " أنت علي حرام " كاليمين إذا{[66344]} لم يقصد به طلاقاً{[66345]} للزوجة ولا إعتاقاً للأمة ، وإذا كان الله قد فرض ذلك{[66346]} لكافة الأمة{[66347]} تيسيراً عليهم فرأسهم أولى بأن يجعل له ذلك ، قال مقاتل : فأعتق صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة رقبة ، وقد{[66348]} قيل : إن تحريمه صلى الله عليه وسلم هنا كان بيمين حلفها وحينئذ لا يكون فيه حجة لمن رأى أن " أنت على حرام " يمين { والله{[66349]} } أي والحال أن المختص{[66350]} بأوصاف الكمال { مولاكم } أي يفعل معكم فعل القريب الصديق ( وهو ) أي وحده{[66351]} { العليم } أي{[66352]} البالغ العلم بمصالحكم وغيرها إلى ما لا نهاية له { الحكيم * } أي الذي يضع كل ما يصدر عنه لكم في أتقن محاله بحيث لا ينسخه هو ولا يقدر غيره أن يغيره ولا شيئاً منه ، وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : لاخفاء بشدة اتصال هذه السورة بسورة الطلاق لاتحاد مرماهما وتقارب معناهما ، وقد ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه حين اعتزل في المشربة{[66353]} حتى سأله عمر رضي الله عنه والقصة معروفة وتخييره صل الله عليه وسلم إياهن أثر ذلك وبعد اعتزالهن شهراً كاملاً وعتب الله عليهن في قوله :وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه }[ التحريم : 4 ] وقوله :{ عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن }[ التحريم : 5 ] فهذه السورة وسورة الطلاق أقرب شيء وأشبه بسورة الأنفال وبراءة لتقارب المعاني والتحام المقاصد - انتهى .


[66334]:- من ظ وم، وفي الأصل: أيضا و.
[66335]:- زيد من ظ وم.
[66336]:- في ظ وم: أمته.
[66337]:- في ظ وم: أمته.
[66338]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66339]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[66340]:- في ظ وم: له.
[66341]:- في ظ وم: له.
[66342]:- زيد من ظ وم.
[66343]:- زيد من ظ وم.
[66344]:- في ظ وم: إذا.
[66345]:- من ظ وم، وفي الأصل: طلاق.
[66346]:- من ظ وم، وفي الأصل: للأمة.
[66347]:- من ظ وم، وفي الأصل: للأمة.
[66348]:- زيد من ظ وم.
[66349]:- ليس في الأصل.
[66350]:- من ظ وم، وفي الأصل: المتصف.
[66351]:- زيد في الأصل: لا شريك له، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[66352]:- زيد من ظ وم.
[66353]:- زيد في الأصل في، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

قوله : { قد فرض الله لكم تحلّة أيمانكم } أي شرع الله لكم كفارة أيمانكم فالكفارة تحلّة لليمين لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه . ويستدل من هذا العتاب على أن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه لأن التحليل والتحريم مردهما إلى الله سبحانه وليس لأحد سواه .

وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن تحريم الحلال يمين في كل شيء ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه الإنسان على نفسه . فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكل هذا الطعام . وإذا حرم أمة فقد حلف على وطئها ، وإذا حرم زوجة فقد آلى منها إذا لم يكن له نية . وإن نوى الظهار فهو ظهار . وإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن . وكذلك إن نوى ثنتين أو ثلاثا فكما نوى . وإن قال : كل حلال عليّ حرام ، كان ذلك على الطعام والشراب إذا لم ينو ، وإلا فعلى ما نوى . أما الشافعي فلا يرى ذلك يمينا ، بل يراه سببا في الكفارة في النساء وحدهن . وإن نوى الطلاق فهو عنده طلاق رجعي . وعن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد ( رضي الله عنهم ) أن الحرام يمين{[4575]} .

قوله : { والله مولاكم } أي سيدكم ومتولّي أموركم { وهو العليم الحكيم } الله العليم بما يصلحكم فيشرعه لكم . وهو سبحانه الحكيم فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما تقتضيه الحكمة مما فيه مصلحتكم ونفعكم .


[4575]:الكشاف جـ 4 ص 125، 126 وأحكام القرآن للجصاص جـ 5 ص362 –365.