في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

وعقب عليها بما يزيدها جدة وحيوية :

( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ) . .

وفي مصارع الغابرين ذكرى . ذكرى لمن كان له قلب . فمن لا تذكره هذه اللمسة فهو الذي مات قلبه أو لم يرزق قلبا على الإطلاق ! لا بل إنه ليكفي للذكرى والاعتبار أن يكون هناك سمع يلقى إلى القصة بإنصات ووعي ، فتفعل القصة فعلها في النفوس . . وإنه للحق . فالنفس البشرية شديدة الحساسية بمصارع الغابرين ، وأقل يقظة فيها وأقل تفتح كافيان لاستجاشة الذكريات والتصورات الموحية في مثل هذه المواقف المؤثرة المثيرة .

وعرض من قبل صفحات من كتاب الكون : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ، والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي ، وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) . .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

قوله جلّ ذكره : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } .

قيل : { لِمَن كَانَ لهُ قَلْبٌ } : أي من كان له عقل . وقيل : قلب حاضر . ويقال قلبٌ على الإحسان مُقْبِل . ويقال : قَلْبٌ غيرُ قُلَّب .

{ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } : استمع إلى ما يَنادى به ظاهرُه من الخَلْق وإلى ما يعود إلى سِرِّه من الحق . ويقال : لمن كان له قلبٌ صاح لم يَسْكر من الغفلة . ويقال قلبٌ يعد أنفاسَه مع الله . ويقال : قلبٌ حيٌّ بنور الموافقة . ويقال : قلبٌ غيرُ مُعْرِضٍ عن الاعتبار والاستبصار .

ويقال : " القلبُ - كما في الخبر- بين إصبعين من أصابع الرحمان " : أي بين نعمتين ؛ وهما ما يدفعه عنه من البلاء ، وما ينفعه به من النَّعماء ، فكلُّ قلب مَنَعَ الحقُّ عنه الأوصافَ الذميمَةَ وأَلْزَمَه النعوتَ الحميدةَ فهو الذي قال فيه : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } .

وفي الخبر : " إن لله أوانيَ ألاَ وهي القلوب ، وأقربها من الله مارقَّ وصفا " . شبَّه القلوب بالأواني ؛ فقلبُ الكافرِ منكوسٌ لا يدخل فيه شيء ، وقلبُ المنافقِ إناء مكسور ، ما يُلْقى فيه من أوَّله يخرج من أسفله ، وقلبُ المؤمنِ إناءٌ صحيح غير منكوس يدخل فيه الإيمانُ ويَبْقَى .

ولكنَّ هذه القلوبَ مختلفةٌ ؛ فقلبٌ مُلَطَّخٌ بالانفعالات وفنون الآفات ؛ فالشرابُ الذي يُلْقَى فيه يصحبه أثر ، ويتلطخ به .

وقلبٌ صفا من الكدورات وهو أعلاها قَدْراً .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

لَذِكرى : لعبرة .

أو ألقى السمعَ وهو شهيد : أصغى إلى ما يتلى عليه وهو حاضر ، ويفطن لما يقال .

وفي هذا الذي نتلوه عليك من أخبار الماضين ذكرى وعبرةٌ لمن كان له قلبٌ يدرك الحقائق ويفهم ما يقال له ، ويصغي وهو حاضرٌ شاهد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي : قلب عظيم حي ، ذكي ، زكي ، فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله ، تذكر بها ، وانتفع ، فارتفع{[837]}  وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله ، واستمعها ، استماعًا يسترشد به ، وقلبه { شَهِيدٌ } أي : حاضر ، فهذا له أيضا ذكرى وموعظة ، وشفاء وهدى .

وأما المعرض ، الذي لم يلق{[838]}  سمعه إلى الآيات ، فهذا لا تفيده شيئًا ، لأنه لا قبول عنده ، ولا تقتضي حكمة الله هداية من هذا وصفه ونعته .


[837]:- كذا في ب، وفي أ: وارتفع.
[838]:- في ب: لم يصغ.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

قوله : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب } يعني فيما ذكرناه في هذه الآيات من عظيم الأخبار والمواعظ ، وألوان الترهيب والتحذير ، لتذكرة وعبرة لكل ذي عقل يتفكر به ويتدبر { أو ألقى السمع وهو شهيد } أي استمع القرآن وهو حاضر القلب والذهن . فما في هذه السورة وغيرها من القرآن من صور التخويف والتحذير والترشيد ، وألوان الزجر والتنبيه إنما ينتفع به ويتعظ منه الذين يستمعون القرآن في تدبر وادراكا واستبصار . أما الذين يسمعونه وقلوبهم لاهية عنه إلى التفكر في أمور الدنيا ومشاغلها ومشكلاتها ، فأنى لهم أن ينتفعوا بالقرآن أو يتعظوا به أو يزدجروا .