في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

( والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) . .

وذلك عكس النصر وتثبيت الأقدام . فالدعاء بالتعس قضاء من الله سبحانه بالتعاسة والخيبة والخذلان وإضلال الأعمال ضياع بعد ذلك وفناء . .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

وأما الذين كفروا بربهم ، ونصروا الباطل ، فإنهم في تعس ، أي : انتكاس من أمرهم وخذلان .

{ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } أي : أبطل أعمالهم التي يكيدون بها الحق ، فرجع كيدهم في نحورهم ، وبطلت أعمالهم التي يزعمون أنهم يريدون بها وجه الله .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

قوله تعالى : { والذين كفروا فتعساً لهم } قال ابن عباس : بعداً لهم . وقال أبو العالية : سقوطاً لهم . وقال الضحاك : خيبةً لهم . وقال ابن زيد : شقاءً لهم . قال الفراء : هو نصب على المصدر ، على سبيل الدعاء . وقيل : في الدنيا العثرة ، وفي الآخرة التردي في النار . ويقال للعاثر : تعساً إذا لم يريدوا قيامه ، وضده لعاً إذا أرادوا قيامه ، { وأضل أعمالهم } لأنها كانت في طاعة الشيطان .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

قوله تعالى : " والذين كفروا فتعسا لهم " يحتمل ، الرفع على الابتداء ، والنصب بما يفسره " فتعسا لهم " كأنه قال : أتعس الذين كفروا . و " تعسا لهم " نصب على المصدر بسبيل الدعاء ، قاله الفراء ، مثل سقيا له ورعيا . وهو نقيض لعا{[13916]} له . قال الأعشى :

فالتَّعْسُ أولى لها من أن أقول لَعَا{[13917]}

وفيه عشرة أقوال : الأول : بعدا لهم ، قاله ابن عباس وابن جريج . الثاني : حزنا لهم ، قاله السدي . الثالث : شقاء لهم ، قاله ابن زيد . الرابع : شتما لهم من الله ، قاله الحسن . الخامس : هلاكا لهم ، قاله ثعلب . السادس : خيبة لهم ، قاله الضحاك وابن زيد . السابع : قبحا لهم ، حكاه النقاش . الثامن : رغما لهم ، قاله الضحاك أيضا . التاسع : شرا لهم ، قاله ثعلب أيضا . العاشر : شقوة لهم ، قاله أبو العالية . وقيل : إن التعس الانحطاط والعثار . قال ابن السكيت : التعس أن يخر على وجهه . والنكس أن يخر على رأسه . قال : والتعس أيضا الهلاك . قال الجوهري : وأصله الكب ، وهو ضد الانتعاش . وقد تعس ( بفتح العين ) يتعس تعسا ، وأتعسه الله . قال مجمع بن هلال :

تقول وقد أفردتُهَا من خَلِيلِها *** تعستَ كما أتعستَنِي يا مُجَمِّعُ

يقال : تعسا لفلان ، أي ألزمه الله هلاكا . قال القشيري : وجوز قوم تعس ( بكسر العين ) .

قلت : ومنه حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة{[13918]} إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض " خرجه البخاري . في بعض طرق هذا الحديث " تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش " {[13919]} خرجه ابن ماجه .

قوله تعالى : " وأضل أعمالهم " أي أبطلها لأنها كانت في طاعة الشيطان . ودخلت الفاء في قوله : " فتعسا " لأجل الإبهام الذي في " الذين " ، وجاء " وأضل أعمالهم " على الخبر حملا على لفظ الذين ، لأنه خبر في اللفظ ، فدخول الفاء حملا على المعنى ، " وأضل " حملا على اللفظ .


[13916]:لعا: كلمة يدعى بها للعاثر معناها الارتفاع.
[13917]:في اللسان وكتاب الأعشين:" أدنى" بدل " أولى". وصدره: * بذات لوث عفرناة إذا عثرت* واللوث (بالفتح):" القوّة ". وعفرناة: قرية.
[13918]:القطيفة: دثار. والخميصة: كساء أسود مربع له أعلام وخطوط.
[13919]:قوله " شيك" أي أصابته شوكة. و "فلا انتقش" أي فلا خرجت شوكته بالمنقاش.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعۡسٗا لَّهُمۡ وَأَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ} (8)

ولما ذكر أهل الإيمان{[59420]} ، بين ما لأهل الكفران ، فقال سبحانه : { والذين كفروا } أي ستروا ما دل عليه العقل وقادت إليه الفطر الأولى ، وبين أن سوء أعمالهم أسباب وبالهم بالفاء . فقال مؤكداً بجعل الخبر مفعولاً مطلقاً {[59421]}لأجل استبعادهم{[59422]} بما لهم من القوة بكثرة العدد والملاءة{[59423]} بالعدد : { فتعساً } أي فقد عثروا{[59424]} فيقال لهم ما يقال للعاثر الذي يراد{[59425]} أنه لا يقوم : تعساً لا قيام معه ، كما يقال لمن عثر وأريد قيامه : تعساً لك-{[59426]} ، والمراد بالتعس الانحطاط والسفول والهوان والقلق .

ولما كان كأنه قيل : لمن هذا ؟ قيل{[59427]} : { لهم } فلا يكادون يثبتون في قتال لمن صلحت{[59428]} من الأعمال .

ولما كان الإنسان قد يعثر ويقع ويقال له : تعساً ، ويقوم بعد ذلك ، ولا يبطل عمله{[59429]} ، بين أن قوله ليس كذلك ، بل مهما قاله كان لا يتخلف أصلاً ، فقال معبراً بالماضي إشارة إلى التحتم فيه ، وأما الاستقبال فربما تاب{[59430]} على بعضهم{[59431]} فيه عاطفاً على ما تقديره فقال تعالى لهم ذلك : { وأضل أعمالهم * } وإن كانت ظاهرة الإيقان لأجل تضييع الأساس بالإيمان .


[59420]:زيدت الواو في الأصل و ظ و م، ولم تكن في مد فحذفناها.
[59421]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لاستبعادهم للخذان.
[59422]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: لاستبعادهم للخذان.
[59423]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: الماة.
[59424]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: غروا.
[59425]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: يروا-كذا.
[59426]:زيد من م ومد.
[59427]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: فقيل.
[59428]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: ضلت.
[59429]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: علمه.
[59430]:زيد في الأصل و ظ: بعضهم، ولم تكن الزيادة في م ومد فحذفناها.
[59431]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: بعض.