في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

( وضرب لنا مثلاً - ونسي خلقه - قال : من يحيي العظام وهي رميم . قل : يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) . .

يا للبساطة ! ويا لمنطق الفطرة ! ومنطق الواقع القريب المنظور !

وهل تزيد النطفة حيوية أو قدرة أو قيمة على العظم الرميم المفتوت ? أو ليس من تلك النطفة كان الإنسان ? أو ليست هذه هي النشأة الأولى ? أو ليس الذي حول تلك النطفة إنساناً ، وجعله خصيماً مبيناً بقادر على أن يحول العظم الرميم مخلوقاً حياً جديداً ?

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا } لا ينبغي لأحد أن يضربه ، وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق ، وأن الأمر المستبعد على قدرة المخلوق مستبعد على قدرة الخالق . فسر هذا المثل [ بقوله ] : { قَالَ } ذلك الإنسان { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } أي : هل أحد يحييها ؟ استفهام إنكار ، أي : لا أحد يحييها بعد ما بليت وتلاشت .

هذا وجه الشبهة والمثل ، وهو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر ، وهذا القول الذي صدر من هذا الإنسان غفلة منه ، ونسيان لابتداء خلقه ، فلو فطن لخلقه بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا ، لم يضرب هذا المثل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ} (78)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه " أي ونسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة . أي جوابه من نفسه حاضر ؛ ولهذا قال عليه السلام : ( نعم ويبعثك الله ويدخلك النار ) ففي هذا دليل على صحة القياس ؛ لأن الله جل وعز احتج على منكري البعث بالنشأة الأولى . " قال من يحيى العظام وهي رميم " أي بالية . رم العظم فهو رميم ورمام . وإنما قال رميم ولم يقل رميمة ؛ لأنها معدولة عن فاعلة ، وما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن إعرابه ؛ كقول : " وما كانت أمك بغيا " [ مريم : 28 ] أسقط الهاء ؛ لأنها مصروفة عن باغية .