في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

16

( لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله . وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ) . . فقد كان أهل الكتاب يزعمون أنهم شعب الله المختار ، وأنهم أبناء الله وأحباؤه : ( وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ) . . ( وقالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ) . . فالله يدعو الذين آمنوا إلى استحقاق رحمته وجنته وهبته ومغفرته حتى يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على احتجاز شيء من فضله ، وأن الفضل بيده يؤتيه من يشاء ، غير مقصور على قوم ، ولا محجوز لطائفة ، ولا محدود ولا قليل : ( والله ذو الفضل العظيم ) . .

وهي دعوة فيها تحضيض واستجاشة واستشارة للسباق إلى الجنة والرحمة . تختم بها السورة ختاما يتناسق مع سياقها كله ، ومع الهتاف المكرر فيها لهذه القلوب كي تحقق إيمانها وتخشع لربها وتستجيب لتكاليف الإيمان في الأموال والأرواح . في تجرد وإخلاص .

ختام السورة:

وبعد فهذه السورة نموذج من النماذج القرآنية الواضحة في خطاب القلوب البشرية ، واستجاشتها بأسلوب عميق التأثير . وهي في بدئها وسياقها وختامها ؛ وفي إيقاعاتها وصورها وظلالها ؛ وفي طريقة تناولها للموضوع وسيرها فيه جولة بعد جولة ، وشوطا بعد شوط . . هي في هذا كله درس بديع لأصحاب هذه الدعوة ، يعلمهم كيف يخاطبون الناس ، وكيف يوقظون الفطرة ، وكيف يستحيون القلوب !

إنها درس رباني من صانع القلوب ، ومنزل القرآن ، وخالق كل شيء بقدر . وفي هذه المدرسة الإلهية يتخرج الدعاة المستجابون الموفقون . . .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

26

المفردات :

لئلا يعلم : لكي يعلم .

ألا يقدرون : أي : لا ينالون شيئا مما ذكر من فضل الله وهو النبوة ، ولا يستطيعون التصرف فيه .

التفسير :

{ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } . أي : ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه الله ولا إعطاء ما منع الله .

{ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } .

قال بن جرير : { لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ . . . } أي : ليعلم ، وعن ابن مسعود أنه قرأها : ( لكي يعلم ) لأن العرب تجعل ( لا ) صلة في كل كلام دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح ، فالسابق كقوله : { ما منعك ألا تسجد . . . } ( الأعراف : 12 ) .

وكقوله تعالى : { وما يُشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } . ( الأنعام : 109 )31

ختام السورة:

خلاصة ما اشتملت عليه سورة الحديد

1- صفات الله وأسماؤه الحسنى ، وظهور آثاره في بدائع خلقه .

2- الحضّ على الإنفاق في سبيل الله .

3- بشرى المؤمنين بالنور يوم القيامة .

4- ثواب المتصدقين الذين أقرضوا الله قرضا حسنا .

5- ذم الدنيا وبيان أنها لهو ولعب وزينة .

6- الترغيب في الآخرة والاجتهاد في العمل لها .

7- اليقين بالقدر ، والصبر في المصائب ، والشكر على النعماء .

8- ذم الاختيال والفخر والبخل .

***

تم بحمد الله تعالى تفسير الجزء ( السابع والعشرين ) ظهر يوم الثلاثاء 7 من شوال 1421ه ، الموافق 2/1/2001م ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، ونسأله العون والتوفيق ، إنه نعم المولى ونعم النصير .

تخريج أحاديث وهوامش تفسير القرآن الكريم

( الجزء السابع والعشرون )

خرج أحاديثه

الأستاذ

كمال سعيد فهمي .

1 في ظلال القرآن 27/149 .

2 في ظلال القرآن 27/151 .

3 في ظلال القرآن 27/180 .

4 بصائر ذوي التمييز للفيروزبادي 1/453 .

5 فيهن آية أفضل من ألف آية :

رواه أبو داود في الأدب ( 5057 ) والترمذي في فضائل القرآن ( 2921 ) وأحمد في مسنده ( 16709 ) من حديث العرباض ابن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد ، وقال : " إن فيهن آية أفضل من ألف آية " .

6 اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم :

رواه مسلم في الذكر ( 2713 ) من حديث سهيل قال : كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن ثم يقول : اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء ، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصته ، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر . وكان يروي ذلك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

7 أن تعبد الله كأنك تراه :

رواه البخاري في الإيمان ( 50 ) وفي تفسير القرآن ( 4777 ) ، ومسلم في الإيمان ( 8-9 ) ، والترمذي في الإيمان ( 2610 ) ، والنسائي في الإيمان ( 4990-4991 ) ، وأبو داود في السنة ( 4695 ) ، وابن ماجة في المقدمة ( 63-64 ) ، وأحمد ( 369-376-5822-6121 ) من حديث أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس إذ أتاه رجل يمشي فقال : يا رسول الله ، ما الإيمان ؟ قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر " قال : يا رسول الله ، ما الإسلام ؟ قال : " الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان " . قال : يا رسول الله ، ما الإحسان ؟ قال : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال : يا رسول الله ، متى الساعة ؟ قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها : إذا ولدت المرأة ربتها فذاك من أشراطها إذا كان الحفاة العراة رءوس الناس فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا لله { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام . . . } ثم انصرف الرجل فقال : " ردوا عليّ " . فأخذوا ليردوا فلم يروا شيئا ، فقال : " هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم " . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

8 يقول ابن آدم مالي مالي :

رواه مسلم في الزهد ( 2958 ) والترمذي في الزهد ( 2342 ) وفي التفسير ( 3354 ) والنسائي في الوصايا ( 3613 ) وأحمد في مسنده ( 15870 ) حديث عبد الله بن الشخير قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ { ألهاكم التكاثر } قال : يقول ابن آدم : مالي مالي قال : وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت " . ورواه مسلم في الزهد ( 2959 ) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول العبد مالي مالي ، إنما له من ماله ثلاث ، ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " .

9 أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا :

نسبه ابن كثير للبخاري في الإيمان ، فقال : قد روينا في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : " أي المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ " قالوا الملائكة ، قال : " وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ؟ " قالوا : فالأنبياء ، قال : " وما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ " قالوا : فنحن ، قال : ومالكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها " ( أخرجه البخاري في كتاب الإيمان ) أ . ه .

ولم أره فيه ، ولم يعزه غيره للبخاري ! ! فليحرر .

10لا تسبوا أصحابي :

رواه البخاري في المناقب ( 3673 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .

ورواه مسلم في فضائل الصحابة ( 2540 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " " لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه " .

11فقد سألتك ما هو أهون من هذا :

رواه البخاري في أحاديث الأنبياء ( 3334 ) وفي الرقاق ( 6538-6557 ) ومسلم في صفة القيامة ( 2805 ) وأحمد في مسنده ( 11903 ) من حديث أنس يرفعه : " إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا : لو أن ما في الأرض من شيء كنت تفتدى به ؟ قال : نعم قال : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ألا تشرك بي فأبيت إلا الشرك " .

12 مختصر تفسير ابن كثير .

13 رواه ابن أبي حاتم .

14سلمان منا أهل البيت :

ذكره السيوطي في الجامع الصغير ( 4696 ) بلفظ : " سلمان منا أهل البيت " . ونسبه للطبراني في الكبير ، والحاكم في المستدرك عن عمرو بن عوف وقال : صحيح .

قال المناوي في فيض القدير : جزم الحافظ الذهبي بضعف سنده ، وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني كثير بن عبد الله المزني ضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات .

15 إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف :

رواه البخاري في بدء الخلق ( 3256 ) ومسلم في الجنة ( 2831 ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون أهل الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم " ، قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : " بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين "

16 ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا :

رواه البخاري في الجهاد والسير ( 2817 ) ومسلم في الإمارة ( 1877 ) من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد ، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة " .

17 يعطيها لهم على فترة بعد فترة ، وفي صحيح البخاري : كان صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا والملل وفي رواية : يتخوننا ، أي : يعظنا على فترات متباعدة ، أو يقدم الموعظة عند المناسبة .

18 وموضع سوط أحدكم من الجنة :

رواه البخاري في الجهاد والسير ( 2892 ) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " .

19الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله :

رواه البخاري في الرقاق ( 6488 ) من حديث عبد الله رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك " .

20 لربك عليك حق :

تقدم تخريجه ، انظر هامش ( 79 ) .

21 ذهب أهل الدثور بالأجور :

رواه مسلم في الزكاة ( 1006 ) من حديث أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : " أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ، أن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة " . قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " .

22 ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه :

رواه البخاري في الرقاق ( 6502 ) من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " . قلت : تفرد به البخاري وهو من رواية خالد بن مخلد ، وقد قال بعضهم : لولا هيبة الصحيح لعدوه من منكرات خالد بن مخلد .

23 عجبا لأمر المؤمن :

أخرجه مسلم ( 2999 ) واللفظ له ، وأحمد ( 18455-18460-23406-23412 ) والدارمي ( 2777 ) ، من حديث صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .

24بعثت بالسيف حتى يعبد الله :

رواه أحمد في مسنده ( 5093 ) من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " .

25 في ظلال القرآن ، الجزء 27 ص 179 ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه .

26 لكل نبي رهبانية :

رواه أحمد في مسنده ( 13396 ) من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لكل نبي رهبانية ، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله عز وجل " .

27وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام :

رواه أحمد في مسنده ( 11365 ) من حديث أبي سعيد الخدري أن رجلا جاءه فقال : أوصني ، فقال : سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك ، أوصيك بتقوى الله فإنها رأس كل شيء ، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام ، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض " .

28 ثلاثة لهم أجران :

رواه البخاري في العلم ( 97 ) من حديث أبي بردة عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لهم أجران : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والعبد المملوك إذا أدى حقّ الله وحق مواليه ، ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران " . ثم قال عامر : أعطيناكها بغير شيء ، قد كان يركب فيما دونها إلى المدينة .

29 أخرجه الإمام أحمد .

30 رواه البخاري في صحيحه .

31 مختصر تفسير ابن كثير ، تحقيق محمد علي الصابوني ، المجلد الثالث .

***

تم بحمد الله تخريج أحاديث وهوامش

الجزء ( السابع والعشرون ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

لقد فعلنا ذلك ليعلم أهل الكتاب أنهم لا ينالون شيئا من فضل الله ما لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، والله صاحب الفضل العظيم .

وقوله تعالى : { أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شَيْءٍ } معناه أنّهم لا يقدِرون على شيء ، فأنْ هنا مخففة من أنّ المشددة .

وهكذا ختمت السورة بختام يتناسق مع سياقها كله ، وهي نموذج من النماذج القرآنية الواضحة في خطاب القلوب البشرية ، وبها يتم الجزء السابع والعشرون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ثم قال : { لئلا يعلم أهل الكتاب } قال قتادة : حسد الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب المؤمنين منهم ، فأنزل الله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } وقال مجاهد : قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل ، فلما خرج من العرب كفروا به ، فأنزل الله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } أي ليعلم " ولا " صلة { ألا يقدرون على شيء من فضل الله } أي ليعلم الذين لم يؤمنوا أنهم لا أجر لهم ولا نصيب لهم في فضل الله ، { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث عن نافع ، عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس ، وإنما مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالاً ، فقال : من يعمل إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود إلى نصف النهار على قيراط قيراط ، ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ فعملت النصارى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ، ثم قال : من يعمل لي من صلاة العصر إلى مغرب الشمس على قيراطين قيراطين ، ألا فأنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس ألا لكم الأجر مرتين " فغضبت اليهود والنصارى وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ؟ قال الله تعالى : هل ظلمتكم من حقكم شيئاً ؟ قالوا : لا قال : فإنه فضلي أعطيه من شئت " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثني محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة عن يزيد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار ، فقالوا : لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا ، وما عملناه باطل ، فقال لهم : لا تفعلوا ، أكملوا بقية عملكم ، وخذوا أجركم كاملاً ، فأبوا وتركوا ، واستأجر قوماً آخرين بعدهم ، فقال : أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر ، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا : ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه ، فقال : أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا ، فاستأجر قوماً أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس ، فاستكملوا أجر الفريقين كليهما فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور " .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، يفعل بكم ربكم هذا لكي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله الذي آتاكم وخصّكم به، لأنهم كانوا يرون أن الله قد فضّلهم على جميع الخلق، فأعلمهم الله جلّ ثناؤه أنه قد آتى أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل والكرامة، ما لم يؤتهم، وأن أهل الكتاب حسدوا المؤمنين لما نزل قوله:"يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا الله وآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ويَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُون بِهِ وَيَغْفِرْ بَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "فقال الله عزّ وجلّ: فعلت ذلك ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله... وقيل: "لِئَلاّ يَعْلَمَ" إنما هو ليعلم. وذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله «لِكَيْ يَعْلَمَ أهْلُ الكِتابِ ألاّ يَقْدِرُونَ»... وقوله: "وأنّ الفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ" يقول تعالى ذكره: وليعلموا أن الفضل بيد الله دونهم، ودون غيرهم من الخلق "يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ" يقول: يعطي فضله ذلك من يشاء من خلقه، ليس ذلك إلى أحد سواه.

"وَالله ذُو الفَضْل العَظِيم" يقول تعالى ذكره: والله ذو الفضل على خلقه، العظيم فضله.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{لئلا يعلم أهل الكتاب} أجمع أهل التأويل واللغة أن حرف: لا زيادة ههنا وصلة، أي ليعلم أهل الكتاب.. ولكن يذكر شيئا، يشبه أن يكون الذي ذكر، هو جواب ذلك الذي كان منهم، وهو أنهم كانوا أهل كتاب وأهل علم بالكتاب، يرون لأنفسهم فضلا على غيرهم وخصوصية ليست لغيرهم عندهم. فلما بعث الله تعالى محمد صلى الله عليه وسلم رسولا إليهم وإلى الناس كافة، وأنزل عليه كتابا، وهو أمين عندهم، وذكر في كتابه ما كان في كتبهم، وأمرهم باتباعه والانقياد له والطاعة، وأحوجهم جميعا إليه وإلى ما في كتابه أنكروا فضل الله عليه وإحسانه إليه، فعند ذلك قال: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء} أي يفضل من يشاء على من يشاء، ليس ذلك إليهم.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{لئلا يعلم} أي ليعلم علماً عظيماً يثبت مضمون خبره وينتفي ضده -بما أفاده زيادة النافي {أهل الكتاب} أي من الفريقين الذي اقتصروا على كتابهم وأنبيائهم ولم يؤمنوا بالنبي الخاتم وما أنزل عليه {ألا} أي أنهم لا {يقدرون} أي في زمن من الأزمان {على شيء} أي وإن قل {من فضل الله

... {وأن} أي ولتعلموا أن {الفضل} أي الذي لا يحتاج إليه من هو عنده {بيد الله} أي الذي له الأمر كله {يؤتيه من يشاء} منهم أو من غيرهم نبوة كانت أو غيرها. ولما كان ربما ظن ظان أنه لا يخص به إلا لأنه لا يسع جميع الناس دفع ذلك بقوله: {والله} أي الذي أحاط بجميع صفات الكمال {ذو الفضل العظيم} أي مالكه ملكاً لا ينفك عنه ولا ملك لأحد فيه معه ولا تصرف بوجه أصلاً، فلذلك يخص من يشاء بما يشاء، فلا يقدر أحد على اعتراض بوجه، فقد نزه له التنزيه الأعظم جميع ما في السماوات والأرض فهو العزيز الحكيم الذي لا عزيز غيره ولا حكيم سواه...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وبعد فهذه السورة نموذج من النماذج القرآنية الواضحة في خطاب القلوب البشرية، واستجاشتها بأسلوب عميق التأثير. وهي في بدئها وسياقها وختامها؛ وفي إيقاعاتها وصورها وظلالها؛ وفي طريقة تناولها للموضوع وسيرها فيه جولة بعد جولة، وشوطا بعد شوط.. هي في هذا كله درس بديع لأصحاب هذه الدعوة، يعلمهم كيف يخاطبون الناس، وكيف يوقظون الفطرة، وكيف يستحيون القلوب!

إنها درس رباني من صانع القلوب، ومنزل القرآن، وخالق كل شيء بقدر. وفي هذه المدرسة الإلهية يتخرج الدعاة المستجابون الموفقون...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

اسم {أهل الكتاب} لقب في القرآن لليهود والنصارى الذين لم يتديّنوا بالإِسلام لأن المراد بالكتاب التوراة والإِنجيل إذا أضيف إليه (أهل)، فلا يطلق على المسلمين: أهل الكتاب، وإن كان لهم كتاب، فمن صار مسلماً من اليهود والنصارى لا يوصف بأنه من أهل الكتاب في اصطلاح القرآن...فلما كان المتحدث عنهم آنفاً صاروا مؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد انسلخ عنهم وصف أهل الكتاب، فبقي الوصف بذلك خاصاً باليهود والنصارى، فلما دعا الله الذين اتبعوا المسيح إلى الإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ووعدهم بمضاعفة ثواب ذلك الإِيمان، أعلمهم أن إيمانهم يُبطل ما ينتحلُه أتباع المسيحية بعد ذلك من الفضل والشرف لأنفسهم بدوامهم على متابعة عيسى عليه السلام فيغالطوا الناس بأنهم إن فاتهم فضل الإِسلام لم يفتهم شيء من الفضل باتباع عيسى مع كونهم لم يغيروا دينهم.

...وأنا أرى أن دعوى زيادة (لا) لا داعي إليها، وأن بقاءها على أصل معناها وهو النفي متعينّ، وتجعل اللام للعاقبة، أي أعطيناكم هذا الفضل وحرم منه أهل الكتاب، فبقي أهل الكتاب في جهلهم وغرورهم بأن لهم الفضل المستمر ولا يحصل لهم علم بانتفاء أن يكونوا يملكون فضل الله ولا أن الله قد أعطى الفضل قوماً آخرين وحَرمَهَم إيّاه فينسون أن الفضل بيد الله، وليس أحد يستحقه بالذات.

وبهذا الغرور استمروا على التمسك بدينهم القديم، ومعلوم أن لام العاقبة أصلها التعليل المجازي...

وقوله: {أهل الكتاب} يجوز أن يكون صادقاً على اليهود خاصة إن جعل التعليل تعليلاً لمجموع قوله: {فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم} [الحديد: 27] وقوله: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. ويجوز أن يكون صادقاً على اليهود والنصارى إن جعل لام التعليل علة لقوله: {يؤتكم كفلين من رحمته}. و (أن) من قوله: {أن لا يقدرون} مخفّفة من (أنَّ) واسمها ضمير شأن محذوف. والمعنى: لا تكترثوا بعدم علم أهل الكتاب بأنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله وبأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، أي لا تكترثوا بجهلهم المركب في استمرارهم على الاغترار بأن لهم منزلة عند الله تعالى فإن الله عالم بذلك وهو خلقهم فهم لا يقلعون عنه، وهذا مثل قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} في سورة [البقرة: 7]. وجملة {والله ذو الفضل العظيم} تذييل يعمّ الفضلَ الذي آتاه الله أهل الكتاب المؤمنين بمحمد صلى الله عليه وسلم وغيرَه من الفضل.

خاتمة

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

ثم قال { لئلا يعلم } أي ليعلم ولا زائدة { أهل الكتاب } اليهود والنصارى { ألا يقدرون على شيء } أنهم لا يقدرون على شيء { من فضل الله } يعني ان لم يؤمنوا لم يؤتهم الله شيئا مما ذكر { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم }

{ لئلا يعلم } أي أعلمكم بذلك ليعلم { أهل الكتاب } بالتوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم { أن } مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والمعنى أنهم { لا يقدرون على شيءٍ من فضل الله } خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه { وأن الفضل بيد الله يؤتيه } يعطيه { من يشاء } فآتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما تقدم { والله ذو الفضل العظيم } .