فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

{ لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب } اللام متعلقة بما تقدّم من الأمر بالإيمان والتقوى ، والتقدير : اتقوا وآمنوا يؤتكم كذا وكذا ليعلم الذين لم يتقوا ولا آمنوا من أهل الكتاب { أَن لا يَقْدِرُونَ على شَيْء مّن فَضْلِ الله } و " لا " في قوله : { لّئَلاَّ } زائدة للتوكيد ، قاله الفراء والأخفش ، وغيرهما ، و " أن " في قوله : { أَن لا يَقْدِرُونَ } هي المخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف وخبرها ما بعدها ، والجملة في محل نصب على أنها مفعول يعلم ، والمعنى : ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على أن ينالوا شيئًا من فضل الله الذي تفضل به على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يقدرون على دفع ذلك الفضل الذي تفضل الله به على المستحقين له ، وجملة : { وَأَنَّ الفضل بِيَدِ الله } معطوفة على الجملة التي قبلها : أي ليعلموا أنهم لا يقدرون ، وليعلموا أن الفضل بيد الله سبحانه ، وقوله : { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء } خبر ثان لأنّ ، أو هو الخبر ، والجارّ والمجرور في محل نصب على الحال { والله ذُو الفضل العظيم } هذه الجملة مقرّرة لمضمون ما قبلها ، والمراد بالفضل هنا : ما تفضل به على الذين اتقوا وآمنوا برسوله من الأجر المضاعف . وقال الكلبي : هو رزق الله ، وقيل : نعم الله التي لا تحصى ، وقيل : هو الإسلام ، وقد قيل : إن «لا » في { لئلا } غير مزيدة ، وضمير { لا يقدرون } للنبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه . والمعنى : لئلا يعتقد أهل الكتاب أنه لا يقدر النبيّ والمؤمنون على شيء من فضل الله الذي هو عبارة عما أوتوه ، والأوّل أولى . وقرأ ابن مسعود : «لكيلا يعلم » وقرأ خطاب بن عبد الله : «لأن يعلم » وقرأ عكرمة : «ليعلم » وقرئ : «ليلا » بقلب الهمزة ياء ، وقرئ بفتح اللام .

/خ29