الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ} (29)

قوله : { ليلا يعلم أهل الكتاب } إلى آخر السورة [ 28-29 ] {[67462]} .

قيل معناه ليعلم أهل الكتب {[67463]} ، و " لا " زائدة صلة {[67464]} ، دل على ذلك أن بعد {[67465]} : / { وأن الفضل بيد الله } {[67466]} .

وقد قرأ ابن عباس ليعلم {[67467]} . وهي قراءة الجحدري {[67468]} .

وقرأ ابن مسعود وابن جبير " لكي يعلم أهل الكتاب " {[67469]} ، وذلك على التفسير ، والمعنى فعل {[67470]} ذلك ، لكي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله الذي خصكم {[67471]} به لأنهم كانوا يرون أن الله فضلهم على جميع خلقه ، فأعلمهم تعالى {[67472]} ذكره أنه قد أتى أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الفضل والكرامة ما لم يؤتهم من زيادة النور والمغفرة والأجر {[67473]} .

قال قتادة : لما نزلت [ هذه الآية يعني : { يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم } حسد أهل الكتاب المسلمين عليها ] {[67474]} فأنزل الله " لئلا يعلم أهل الكتاب . . . [ إلى آخرها ، أي : فعلت ذلك لكي يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون ] {[67475]} على شيء من فضل الله ، يؤتي فضله من يشاء ويخص به من يشاء من خلقه {[67476]} .

قال قتادة : وذكر {[67477]} أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : إنما مثلنا ومثل أهل الكتاب من قبلنا {[67478]} كمثل رجل استأجر أجراء يعملون إلى الليل على قيراط {[67479]} ، فلما انتصف النهار سئموا {[67480]} عمله وملوا فحاسبهم {[67481]} وأعطاهم نصف قيراط ، ( ثم استأجر أجراء يعملون إلى الليل على قيراط فعملوا إلى العصر ثم سئموا وملوا عمله ، فأعطاهم على قدر ذلك {[67482]} ثم استأجر أجراء إلى الليل على قيراطين يعملون بقية عمله فقيل له ما شأن هؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا ؟ قال هو مالي أعطي من شئت {[67483]} .

وقوله : { وأن الفضل بيد الله } أي : بيده دونهم ودون غيرهم ، يؤتيه من يشاء من خلقه ، فلذلك أعطى أمة محمد صلى الله عليه وسلم {[67484]} من الأجر على مدتهم القريبة ما لم يعط غيرهم .

{ والله ذو الفضل العظيم }

أي ذو الفضل على خلقه ، العظيم فضله .

وقيل أنهم قالوا : الأنبياء منا ، كفروا بعيسى وبمحمد {[67485]} صلى الله عليه وسلم فأعلم الله خلقه أن الفضل بيده يؤتيه من يشاء ، وليس فضله بموقوف على بني إسرائيل دون غيرهم فلا يرسل رسولا إلا منها يرسل الرسول {[67486]} ممن يشاء على {[67487]} من شاء ، وإلى من يشاء ، يفعل ما يشاء ويتفضل على من يشاء لا إله إلا هو .


[67462]:وهي قوله تعالى: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.
[67463]:انظر: غريب القرآن وتفسيره 178، وتأويل مشكل القرآن 190.
[67464]:انظر: معاني الفراء 3/137، والتبيان في إعراب القرآن 2/1211، وزاد المسير 8/179، وتفسير القرطبي 17/266.
[67465]:ع: "أن ما بعده".
[67466]:انظر: إعراب النحاس 4/369، والإملاء 2/135.
[67467]:ح: "أيعلم".
[67468]:انظر: مجاز أبي عبيدة 2/254، وإعراب النحاس 4/369، والبحر المحيط 8/229.
[67469]:انظر: جامع البيان 27/143، وإعراب النحاس 4/369، والبحر المحيط 8/229.
[67470]:ح: "بعد" وهو تحريف.
[67471]:ح: "خصهم".
[67472]:ع: "جل ذكره".
[67473]:ع: "على الأجر".
[67474]:ساقط من ح.
[67475]:ساقط من ح.
[67476]:انظر: الدر المنثور 8/68.
[67477]:ع: "ذكر لنا".
[67478]:ع: "بين".
[67479]:القراط والقيراط: من الوزن، وهو جزء من أجزاء الدينار، وهو نصف عشرة في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءا من أربعة وعشرين والياء فيه بدل من الراء، وأصله قراط. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4/24. انظر: اللسان مادة "قرط" 3/62، والتاج 5/203.
[67480]:ع: "سلموا" وهو تحريف.
[67481]:ع: "محاسبهم" وهو تحريف.
[67482]:ساقط من ع.
[67483]:أخرجه البخاري في كتاب الإجارة – باب: الإجارة إلى نصف النهار 3/49، والترمذي – باب: ما جاء في مثل ابن آدم وأجله وأمله 4/229 (رقم 3035) وأحمد في مسنده 2/6- 111.
[67484]:ساقط من ع.
[67485]:ع: "عليهما السلام".
[67486]:ع: "الرسل".
[67487]:ح: "ما".