وقوله تعالى : { والله غفور رحيم } أي يرحمهم ، ويخلدهم في جنته .
الآية 29 وقوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب } أجمع أهل التأويل واللغة أن حرف : لا زيادة ههنا وصلة ، أي ليعلم أهل الكتاب . وقد يزاد في الكلام حرف : لا ، ويسقط{[20720]} بحق الصلة ، يعرف ذلك أهل الحكمة والفقه كقوله تعالى : { يبين الله لكم أن تضلوا } [ النساء : 176 ] ليس يبين لنا أن نضل ، ولكن يبين لنا لنعلم ، ونهتدي ، فعرف الحكماء والفقهاء أن كلمة : لا أسقطت ههنا . فعلى ذلك عرفوا أن حرف : لا ههنا في قوله : { لئلا يعلم } زيادة ، معناه : ليعلم { أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله } على غير تقدم كان منهم حتى خرج هذا جوابا لهم عن ذلك .
ولكن يذكر شيئا ، يشبه أن يكون الذي ذكر ، هو جواب ذلك الذي كان منهم ، وهو أنهم كانوا أهل كتاب وأهل علم بالكتاب ، يرون لأنفسهم فضلا على غيرهم وخصوصية ليست لغيرهم عندهم .
فلما بعث الله تعالى محمد صلى الله عليه وسلم رسولا إليهم وإلى الناس كافة ، وأنزل عليه كتابا ، وهو أمين عندهم ، وذكر في كتابه ما كان في كتبهم ، وأمرهم باتباعه والانقياد له والطاعة ، وأحوجهم جميعا إليه وإلى ما في كتابه أنكروا فضل الله عليه وإحسانه إليه ، فعند ذلك قال : { لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء } أي يفضل من يشاء على من يشاء ، ليس ذلك إليهم .
ثم قوله تعالى : { لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله } دلالة نقص قول المعتزلة في أن الله تعالى قد أعطى كل إنسان{[20721]} ما يقدر على الوصول إلى جميع فضائله وإحسانه ، وقد أخبر ليعلموا أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله ، والمعتزلة يقولون : بل يقدرون ؛ فهذا خلاف لظاهر الآية ، والله أعلم .
وفي قوله تعالى : { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء } أيضا دلالة نقض قول المعتزلة من جهة أخرى ، وهو أنه ذكر المشيئة في ما هو حقه فضل ، وما هو حقه عدل حين{[20722]} قال : { وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء } ولم يذكر المشيئة في ما هو حقه عدل وما هو حقه ظلم وجور ، بل أطلق القول في ذلك فقال : { وما ربك بظلام للعبيد } [ فصلت : 46 ] وقال : { وما الله يريد ظلما للعباد } [ غافر : 31 ] وقال : { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } [ النساء : 40 ] وقال { إن الله لا يظلم الناس شيئا } [ يونس : 44 ] وغير ذلك من الآيات ؛ نفى أن يلحق أحدا{[20723]} منه الظلم والجور ليعلم أن فعل الهدى منه يصل إلى من هداه ، وأرشده ، والإضلال منه/ 553- أ/ عدل . وكذلك قال : { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } [ فاطر : 8 ] أي [ من ]{[20724]} نال الهدى والرشد إنما ناله بفضله ورحمته ، ومن ضل فذلك عدل منه ؛ ولذلك قال : { بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان }[ الحجرات : 17 ] والله الهادي [ والله أعلم بالصواب ]{[20725]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.