ويصور مشهدهم يوم القيامة في وضع مزر مهين ، وهم يحلفون لله كما كانوا يحلفون للناس : ( يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ) . . مما يشير إلى أن النفاق قد تأصل في كيانهم ، حتى ليصاحبهم إلى يوم القيامة . وفي حضرة الله ذي الجلال . الذي يعلم خفايا القلوب وذوات الصدور ! ( ويحسبون أنهم على شيء ) . . وهم على هواء لا يستندون إلى شيء . أي شيء !
القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنّهُمْ عَلَىَ شَيْءٍ أَلاَ إِنّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ } .
يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين ذكرهم هم أصحاب النار ، يوم يبعثهم الله جميعا ، فيوم من صلة أصحاب النار ، وعُني بقوله { يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللّهُ جَمِيعا }من قبورهم أحياء كهيئاتهم قبل مماتهم ، فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها ، كما حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : فَيَحْلِفُونَ لَهُ قال : إن المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِيعا . . . }الآية ، والله حالفَ المنافقون ربهم يوم القيامة ، كما حالفوا أولياءه في الدنيا .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سماك بن حرب البكري ، عن سعيد بن جُبَير ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم في ظلّ حجرة قد كاد يَقْلِصُ عنه الظلّ ، فقال : «إنّهُ سَيأْتِيكُمْ رَجُلٌ ، أو يَطْلُعُ رَجُلٌ بعَيْنِ شَيْطانٍ فَلا تُكَلّمُوهُ » فلم يلبث أن جاء ، فاطلع فإذا رجل أزرق ، فقال له : «عَلامَ تَشْتُمُنِي أنْتَ وَفُلانٌ وَفُلانٌ » ؟ قال : فذهب فدعا أصحابه ، فحلفوا ما فعلوا ، فنزلت : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللّهُ جَمِيعا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيحْسَبُونَ أنّهُمْ على شَيْءٍ ألا إنّهُمْ هُمُ الكاذبُونَ } .
وقوله : { وَيحْسَبُونَ أنّهُمْ على شَيْءٍ }يقول : ويظنون أنهم في أيمانهم وحلفهم بالله كاذبين على شيء من الحقّ ، { ألا إنّهُمْ هُمُ الكاذِبُونَ }فيما يحلفون عليه .
والعامل في قوله { يوم يبعثهم } ، { أصحاب } على تقدير فعل ، وأخبر الله تعالى عنهم في هذه الآية أنه ستكون لهم أيمان يوم القيامة وبين يدي الله يخيل إليهم بجهلهم أنها تنفعهم وتقبل منهم ، وهذا هو حسابهم { أنهم على شيء } ، أي على فعل نافع لهم ، وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي : قال النبي عليه السلام : «ينادي مناد يوم القيامة : أين خصماء الله ، فتأتي القدرية مسودة وجوههم زرقة أعينهم ، فيقولون والله ما عبدنا شمساً ولا قمراً ولا صنماً ولا اتخذنا من دونك ولياً » ، قال ابن عباس : صدقوا والله ولكن أتاهم الإشراك من حيث لا يعلمون ، ثم تلا ابن عباس هذه الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.