قوله تعالى : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً } أي : لهم عذاب مهين يوم يبعثهم الله ، { فيحلفون له كما يحلفون لكم } اليوم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : يحلفون لله - تعالى - يوم القيامة كذباً كما حلفوا لأوليائه في الدنيا ، وهو قولهم : { والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }{[55784]} [ الأنعام : 23 ] { ويحسبون أنهم على شيء } ، بإنكارهم وحلفهم . قال ابن زيد : ظنوا أنه ينفعهم في الآخرة{[55785]} . وقيل : يحسبون في الدنيا أنهم على شيء ؛ لأنهم في الآخرة يعلمون الحق باضطرار ، والأول أظهر .
والمعنى{[55786]} : أنهم لشدة توغلهم في النفاق ظنّوا يوم القيامة أنهم يمكنهم ترويج كذبهم بالأيمان الكاذبة على علام الغيوب ، وإليه الإشارة بقوله تعالى :{ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ }[ الأنعام : 28 ] .
قال القاضي والجُبَّائي{[55787]} : إن أهل الآخرة لا يكذبون ، فالمراد من الآية أنهم يحلفون في الآخرة : إنا ما كنا كافرين عند أنفسنا ، وعلى هذا الوجه لا يكون الحلف كذباً ، وقوله تعالى : { أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون } أي : في الدنيا . قال ابن الخطيب : «وتفسير هذه الآية على هذا الوجه يقتضي ركاكة عظيمة في النَّظْم » .
روى ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ القِيَامَةِ : أيْنَ خُصَمَاءُ اللَّهِ تعالى ؟ فَتقُومُ القدريَّةُ مُسْودَّةً وجُوهُهُمْ ، مُزْرَقَّةً أعْيُنُهُمْ ، مَائِلٌ شِدْقُهُمْ يَسِيْلُ لُعَابهُم ، فيقُولُونَ : واللَّهِ ما عَبَدْنَا مِنْ دُونِكَ شَمْساً ولا قَمَراً ولا صَنَماً ، ولا اتَّخَذْنَا مِنْ دُونِكَ إلهاً »{[55788]} .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : صدقوا والله ، أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون ، ثم تلا : { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ على شَيْءٍ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الكاذبون } ، هم والله القدرية ثلاثاً{[55789]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.