فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيَحۡلِفُونَ لَهُۥ كَمَا يَحۡلِفُونَ لَكُمۡ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍۚ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡكَٰذِبُونَ} (18)

{ يوم } أي اذكر يوم { يبعثهم الله جميعا فيحلفون له } أي لله يوم القيامة على أنهم مؤمنون{ كما يحلفون لكم } في الدنيا ، وهذا من شدة شقاوتهم ومزيد الطبع على قلوبهم ، فإن يوم القيامة قد انكشفت فيه الحقائق ، وصارت الأمور معلومة بضرورة المشاهدة فكيف يجترئون ، على أن يكذبوا في ذلك الموقف ، ويحلفون على الكذب .

" عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جالسا في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال : إنه سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين الشيطان ، فإذا جاءكم فلا تكلموه ، فلم يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق ، فقال حين رآه : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فقال : ذرني آتيك بهم ، فحلفوا واعتذروا " ، فانزل الله هذه الآية والتي بعدها .

{ ويحسبون } في الآخرة { أنهم } بتلك الأيمان الكاذبة { على شيء } مما يجلب نفعا أو يدفع ضررا ، كما كانوا يحسبون ذلك في الدنيا { ألا إنهم هم الكاذبون } أي الكاملون في الكذب المتهالكون عليه ، البالغون إلى حد لم يبلغ إليه غيرهم بإقدامهم عليه وعلى الأيمان الفاجرة ، في موقف القيامة بين يدي الرحمن .