في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما . .

ذلك كي تعلم قلوب البشر أن الله هو الفاعل المختار ، المتصرف القهار ، فتتعلم كيف تتجه إليه وتستسلم لقدره . . وهذا هو مجال هذه الحقيقة الذي تجري فيه في مثل هذه النصوص . مع تقرير ما شاءه الله لهم من منحهم القدرة على إدراك الحق والباطل ؛ والاتجاه إلى هذا أو ذاك وفق مشيئة الله ، العليم بحقيقة القلوب ، وما أعان به العباد من هبة الإدراك والمعرفة ، وبيان الطريق ، وإرسال الرسل ، وتنزيل القرآن . . . إلا أن هذا كله ينتهي إلى قدر الله ، الذي يلجأ إليه الملتجئ ، فيوفقه إلى الذكر والطاعة ، فإذا لم يعرف في قلبه حقيقة القدرة المسيطرة ، ولم يلجأ إليها لتعينه وتيسره ، فلا هدى ولا ذكر ، ولا توفيق إلى خير . . .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

{ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله } أي لستم تشاؤون شيئا إلا بمشيئة الله تعالى لأن الأمر إليه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

" وما تشاؤون " أي الطاعة والاستقامة واتخاذ السبيل إلى الله " إلا أن يشاء الله " فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم ، وأنه لا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم ، إلا أن تتقدم مشيئته . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " وما يشاؤون " بالياء على معنى الخبر عنهم . والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه .

وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بالثانية . والأشبه أنه ليس بنسخ ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته . قال الفراء : " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " جواب لقوله : " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال : " وما تشاؤون " ذلك السبيل " إلا أن يشاء الله " لكم . " إن الله كان عليما " بأعمالكم " حكيما " في أمره ونهيه لكم . وقد مضى في غير موضع .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

ولما أثبت لهم المشيئة التي هي مناط التكليف ، وهي الكسب ، وكان ربما ظن ظان أو ادعى مدع في خلق الأفعال{[70797]} كما قال أهل الاعتزال ، قال نافياً{[70798]} عنهم الاستقلال ، لافتاً القول إلى خطابهم ، وهو مع كونه خطاب قبض استعطافاً بهم إلى التذكر في قراءة الجماعة وبالغيب على الأسلوب الماضي في قراءة ابن كثير وابن عامر : { وما تشاءون } أي في وقت من الأوقات مشيئة من المشيئات {[70799]}لهذا وغيره{[70800]} على سبيل الاختراع والاستقلال { إلا } وقت { أن يشاء الله } أي الملك الأعلى الذي له الأمر كله ، ولا أمر لأحد معه ، فيوجد المعاني في أنفسكم على حسب ما يريد ويقدر على ما يشاء من آثارها ، وقد صح بهذا ما قال الأشعرية وسائر أهل السنة من أن للعبد مشيئة تسمى كسباً لا تؤثر إلا بمشيئة الله تعالى وتحريكها لقدرة العبد ، وانتفى مذهب القدرية الذين يقولون : إنا نحن نخلق-{[70801]} أفعالنا ، ومذهب الجبرية القائلين : لا فعل لنا أصلا ، ومثَّل الملوي ذلك بمن يريد قطع بطيخة فحدد سكيناً وهيأها وأوجد فيها أسباب القطع وأزال عنها موانعه ثم وضعها على البطيخة-{[70802]} فهي لا تقطع دون أن يتحامل عليها التحامل المعروف لذلك ، ولو وضع عليها ما لم يصلح للقطع كحطبة مثلاً لم تقطع ولو تحامل ، فالعبد كالسكين خلقه الله وهيأه بما أعطاه من القدرة للفعل ، فمن{[70803]} قال : أنا أخلق فعلي{[70804]} مستقلاً به ، فهو كمن قال : السكين تقطع بمجرد وضعها من غير تحامل ، ومن قال : الفاعل هو{[70805]} الله ، من غير نظر إلى العبد أصلاً{[70806]} كان كمن قال : هو يقطع البطيخة بتحامل يده أو قصبة ملساء من غير سكين ، والذي يقول : إنه باشر بقدرته المهيأة للفعل بخلق الله لها وتحريكها في ذلك الفعل كان{[70807]} كمن قال : إن السكين قطعت بالتحامل عليها-{[70808]} ، بهذا أجرى سبحانه عادته في الناس ، ولو شاء غير ذلك فعل ، ولا يخفى أن هذا هو الحق الذي لا مرية فيه ، ثم علل ذلك بإحاطته بمشيئتهم قائلاً : { إن الله } أي المحيط علماً وقدرة { كان } أي أزلاً وأبداً { عليماً حكيماً * } أي بالغ العلم والحكمة ، فهو يمنع منعاً محكماً من أن يشاء غيره ما لم يأذن فيه ، فمن علم في جبلته خيراً أعانه عليه ، ومن علم منه الشر ساقه إليه وحمله عليه ،


[70797]:زيد في الأصل: الكمال، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70798]:من ظ و م، وفي الأصل: نافعا.
[70799]:من ظ و م، وفي الأصل: لهذه وغيرها.
[70800]:من ظ و م، وفي الأصل: لهذه وغيرها.
[70801]:زيد من ظ و م.
[70802]:زيد من ظ و م.
[70803]:من ظ و م، وفي الأصل: فلو.
[70804]:زيد في الأصل: فعلا، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[70805]:سقط من ظ و م.
[70806]:من ظ و م، وفي الأصل: أصل.
[70807]:سقط من ظ وم.
[70808]:زيد من ظ و م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

قوله : { وما تشاءون إلا أن يشاء الله } ما تشاءون أن تتخذوا ذلك السبيل المفضي إلى طاعة الله ورضاه ، أو إلى النجاة والسعادة والجنة إلا أن يشاء الله لكم ذلك . فالأمر كله بين يديه وما من شيء إلا هو صائر إليه .

قوله : { إن الله كان عليما حكيما } الله عليم بأعمالكم وأحوالكم ، ومصائركم ، وهو سبحانه حكيم في تدبيره أموركم .