الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

قوله : { إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ } : فيه وجهان ، أحدُهما : أنَّه حالٌ ، أي : إلاَّ في حالِ مشيئِة اللَّهِ ، قاله أبو البقاء . وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ هذا مقدَّرٌ بالمعرفة . إلاَّ أَنْ يريدَ تفسير المعنى . والثاني : أنه ظرفٌ . قال الزمخشري : " فإنْ قلت : ما محلُّ { أَن يَشَآءَ اللَّهُ } ؟ قلت : النصبُ على الظرف ، وأصلُه إلاَّ وقتَ مشيئةِ اللَّهِ ، وكذلك قرأ ابنُ مسعود " إِلاَّ مَا يشَآءُ اللَّهُ " لأنَّ " ما " مع الفعلِ ك " أَنْ " . ورَدَّه الشيخُ : بأنه لا يقومُ مَقامَ الظرفِ إلاَّ المصدرُ الصريحُ . لو قلت : " أجيئُك أَنْ يَصيحَ الديكُ " أو " ما يصيحُ " لم يَجُزْ " . قلت : وقد تقدَّم الكلامُ معه في ذلك غيرَ مرةٍ .

وقرأ نافعٌ والكوفيون " تَشاؤُون " خطاباً لسائر الخَلْقِ أو على الالتفاتِ من الغَيْبة في قولِه : " نحن خَلَقْناهم " . والباقون بالغَيبة جَرْياً على قولِه : " خَلَقْناهم " وما بعدَه .