الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

" وما تشاؤون " أي الطاعة والاستقامة واتخاذ السبيل إلى الله " إلا أن يشاء الله " فأخبر أن الأمر إليه سبحانه ليس إليهم ، وأنه لا تنفذ مشيئة أحد ولا تتقدم ، إلا أن تتقدم مشيئته . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو " وما يشاؤون " بالياء على معنى الخبر عنهم . والباقون بالتاء على معنى المخاطبة لله سبحانه .

وقيل : إن الآية الأولى منسوخة بالثانية . والأشبه أنه ليس بنسخ ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته . قال الفراء : " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " جواب لقوله : " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم فقال : " وما تشاؤون " ذلك السبيل " إلا أن يشاء الله " لكم . " إن الله كان عليما " بأعمالكم " حكيما " في أمره ونهيه لكم . وقد مضى في غير موضع .