البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (30)

{ وما تشاءون } : الطاعة ، { إلا أن يشاء الله } ، يقسرهم عليها .

{ إن الله كان عليماً } بأحوالهم وما يكون منهم ، { حكيماً } حيث خلقهم مع علمه بهم .

انتهى ، وفيه دسيسة الاعتزال .

وقرأ العربيان وابن كثير : وما يشاءون بياء الغيبة ؛ وباقي السبعة : بتاء الخطاب ؛ ومذهب أهل السنة أنه نفي لقدرتهم على الاختراع وإيجاد المعاني في أنفسهم ، ولا يرد هذا وجود ما لهم من الاكتساب .

وقال الزمخشري : فإن قلت : ما محل { أن يشاء الله } ؟ قلت : النصب على الظرف ، وأصله : إلا وقت مشيئة الله ، وكذلك قرأ ابن مسعود : إلا ما يشاء الله ، لأن ما مع الفعل كان معه . انتهى .

ونصوا على أنه لا يقوم مقام الظرف إلا المصدر المصرح به ، كقولك : أجيئك صياح الديك ، ولا يجيزون : أجيئك أن يصيح الديك ، ولا ما يصيح الديك ؛ فعلى هذا لا يجوز ما قاله الزمخشري .