في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{وَٱلۡأَنۡعَٰمَ خَلَقَهَاۖ لَكُمۡ فِيهَا دِفۡءٞ وَمَنَٰفِعُ وَمِنۡهَا تَأۡكُلُونَ} (5)

وفي هذا المجال الواسع - مجال الكون : السماوات والأرض - الذي يقف فيه الإنسان ، يأخذ السياق في استعراض خلق الله الذي سخره للإنسان ، ويبدأ بالأنعام :

( والأنعام خلقها ، لكم فيها دفء ومنافع ، ومنها تأكلون . ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ، وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ، إن ربكم لرؤوف رحيم ، والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ، ويخلق ما لا تعلمون ) . .

وفي بيئة كالبيئة التي نزل فيها القرآن أول مرة ، وأشباهها كثير ؛ وفي كل بيئة زراعية والبيئات الزراعية هي الغالبة حتى اليوم في العالم . . في هذه البيئة تبرز نعمة الأنعام ، التي لا حياة بدونها لبني الإنسان . والأنعام المتعارف عليها في الجزيرة كانت هي الإبل والبقر والضأن والمعز . أما الخيل والبغال والحمير فللركوب والزينة ولا تؤكل والقرآن إذ يعرض هذه النعمة هنا ينبه إلى ما فيها من تلبية لضرورات البشر وتلبية لأشواقهم كذلك : ففي الأنعام دفء من الجلود والأصواف والأوبار والأشعار ، ومنافع في هذه وفي اللبن واللحم وما إليها . ومنها تأكلون لحما ولبنا وسمنا ، وفي حمل الأثقال إلى البلد البعيد لا يبلغونه إلا بشق الأنفس .